الكاتب / رائد عمر
على الرغم من التغطية الإعلامية المكثّفة التي قامت بها وكالات الأنباء الأمريكية , فضلاً عن فرانس برس و رويترز , لتفاصيل عملية مقتل الإرهابي القرشي , وهي ذات تفاصيل مؤكّدة ودقيقة , لكنّ جزءاً او جزيئاً من الإبهام بقيَ يدور حول نفسه و بإتّجاهاتٍ مختلفة ! , ودونما ايّ اجابةٍ في الإستنتاج او التحليل , وهي لماذا قام ذلك ” القرشي ” بتفجير نفسه وسْطَ زوجاته واطفاله من دون ان يخرج الى خارج الغرفة المتواجدين فيها , وذلك ما لا يتطلّب اكثر من 3 – 5 من الثواني وربما أقلّ من ذلك .!؟ , علماً انّه شرعَ بالتفجير قبل أن تنهمر ضربات القوة الأمريكية المؤلفة من 20 عنصراً بعد قيامهم بإنزالٍ جويّ بالمروحيات , مع تغطية جوية بالمقاتلات , ومع خصوصية الأخذ بنظر الإعتبار أنّ الوحدة الأمريكية المهاجمة وجّهت نداءاتٍ عبر مكبّرات الصوت لإخراج النساء والأطفال من المنزل المستهدف .! وهذا ما يُفقد عنصر المباغتة والمبادأة للجانب الأمريكي , وهو كأنّه تحذيرٌ اوّليٌ مسبق لذلك ” القرشي ” , حتى لو استغرق ذلك التحذير دقيقةً واحدة , وربما اقل او اكثر .!
كانَ متاحاً لذلك القرشي أن يقوم بتفجير نفسه أمام او خارج البوابة الرئيسية لبيته وأمام انظار القوة الأمريكية المهاجمة من الجوّ والبرّ ” مهما كان قُصر المسافة ” , وبذلك كان يضمن احتمال عدم قصف منزله والحفاظ على حياة زوجاته واطفاله .! علماً ووفق المصادر الإخبارية المتنوعة فإنّ اشتباكات بالرصاص حدثت بين الأمريكان وعناصر موالية لذلك الأرهابي في المخيّم القريب الذي تسكنه بعض قيادات داعش , قبل دقائق قليلةٍ سبقت الهجوم الأمريكي , ممّا كان دافعاً استباقياً آخراً لأبي ابراهيم القريشي ليلجأ بذلك التصرّف الذي تصرّفَ به تفجيرياً وكأنه بالجملة وليس بالمفرد .!
لعلّه ينبغي الإشارة من الزاوية السيكولوجية للطبيعة العدوانية المتأصّلة لهذا الإرهابي الخطير , بأنْ سبق له بإصدار اوامر بإعدام عددٍ من عناصر ومقاتلي داعش ! بتهمة الفشل الأيديولوجي في تركيبة تنظيمهم , بالإضافة الى سجن آخرين منهم , وتخفيض الرتب العسكرية لمقاتلين من التنظيم < وكأنهم جيش نظامي ولهم ضباط واركان حرب!>
في هذه النفسية المضطربة لذلك او لهذا الإرهابي , والتي تجمع بعضاً من الذكاء النسبي المحصور في الجانب العملياتي المحدود , وبمرافقة مصحوبة من سذاجةٍ ستراتيجيةٍ لا يشعر بها صاحبها .! , فقد كشف ” القريشي ” نفسه ومكانه وموقعه دون ان يدري او بشكلٍ غير مباشر , حيث قرر الإختباء والإختفاء مع عائلته داخل منزلٍ كبيرٍ في منطقةٍ تحيطها الأشجار القصيرة الطول والإرتفاع , والمتفرّقة التوزيع , ومفتوحة بالكامل وسهلة الإستهداف , وقد كشفت واظهرت الصور الملتقطة لجهاز المخابرات العراقي بوجود لوائح للطاقة الشمسية على سطح المنزل المراد استهدافه ” دونما غيره من المنازل القريبة والبعيدة ” وقد اظهرت صور المخابرات العراقية صوراً اخرى لشاحناتٍ فارغة قرب ذلك المنزل , ممّا جعل تكثيف المراقبة حول هذا الهدف المستهدف .!
ميدانياً وعملياتياً , فلولا عملية الرصد والإختراق ! لجهاز المخابرات العراقي , وبنفسٍ طويلٍ ومغامرٍ , فما كان للأمريكان ان ينجحوا في عمليتهم هذه , والتي رصدوا لها مبلغ 1o ملايين دولار لمن يدلي بمعلوماتٍ عن هذا الهدف القريشي!