المعادلة‭ ‬لا‭ ‬تستقيم،‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬تريد‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬تعاوناً‭ ‬أمنياً‭ ‬وعسكرياً‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬الساخن،‭ ‬وتهرع‭ ‬إليها‭ ‬لإدامة‭ ‬تأمين‭ ‬امدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬الى‭ ‬أوربا‭ ‬وبقية‭ ‬العالم‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬أزمة‭ ‬دولية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتذكر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المسؤولين‭ ‬الدوليين‭ ‬تلك‭ ‬الملفات‭ ‬الثلاثة‭ ‬التي‭ ‬يتأبطونها‭ ‬منذ‭ ‬شهور‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬الساذجة‭ ‬على‭ ‬الدوحة‭ ‬المستضيفة‭ ‬لبطولة‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬بكرة‭ ‬القدم،‭ ‬وعناوين‭ ‬الملفات‭ ‬الساخنة‭ ‬هي‭ ‬معاملة‭ ‬العمّال‭ ‬الأجانب‭ ‬والنساء‭ ‬والشواذ‭ ‬جنسياً‭.‬

أولاً،‭ ‬إنّ‭ ‬الحملة‭ ‬المعادية‭ ‬لتنظيم‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬المونديال‭ ‬كحدث‭ ‬تاريخي‭ ‬واستثنائي‭ ‬تشتد‭ ‬وتتسارع‭ ‬بالساعات‭ ‬وليس‭ ‬بالأيام‭ ‬فقط‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬انطلاق‭ ‬صافرة‭ ‬حكم‭ ‬مباراة‭ ‬الافتتاح،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬يشي‭ ‬بسهولة‭ ‬بما‭ ‬تحته‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬وأجندات‭ ‬معظمها‭ ‬ابتزازي‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬انَّ‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬التي‭ ‬نالت‭ ‬شرف‭ ‬تنظيم‭ ‬المونديال‭ ‬وتحرص‭ ‬على‭ ‬اظهار‭ ‬هويتها‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬في‭ ‬الاعداد‭ ‬والتنظيم‭ ‬والتنسيق،‭ ‬بما‭ ‬يمنح‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬زخماً‭ ‬من‭ ‬الفخر‭ ‬والاعتداد‭ ‬بالنفس‭ ‬على‭ ‬المطاولة‭ ‬والتحدي‭ ‬والانجاز،‭ ‬لم‭ ‬تنل‭ ‬مؤازرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬لائق‭ ‬من‭ ‬الاشقاء‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يفهموا‭ ‬حتى‭ ‬الان‭ ‬انَّ‭ ‬استهداف‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬استهداف‭ ‬لدولهم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬أو‭ ‬انجاز‭ ‬تنافسي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬عالمي‭ ‬مثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

أمّا‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬يريدون‭ ‬تحويلها‭ ‬الى‭ ‬ادلة‭ ‬إدانة‭ ‬تضعف‭ ‬من‭ ‬عزم‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬عصيبة‭ ‬من‭ ‬الاستعداد‭ ‬والانهماك‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المضني‭ ‬لإنجاح‭ ‬البطولة،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تعدو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ملفات‭ ‬إدارية‭ ‬وخلافية‭ ‬واجرائية،‭ ‬ذات‭ ‬شأن‭ ‬داخلي‭ ‬يخص‭ ‬الوضع‭ ‬السيادي‭ ‬لأية‭ ‬دولة،‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬لها‭ ‬مواقف‭ ‬وسلوكيات‭ ‬ووجهات‭ ‬نظر‭ ‬اكثر‭ ‬حدّةً‭ ‬عشرات‭ ‬المرات‭ ‬مما‭ ‬يسجله‭ ‬متأبطو‭ ‬الملفات‭ ‬على‭ ‬قطر‭ ‬لما‭ ‬خطر‭ ‬ببال‭ ‬احد‭ ‬اثارة‭ ‬أية‭ ‬قضية‭ ‬ضد‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬حتى‭ ‬انّ‭ ‬ملف‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬والمعارضين‭ ‬لسياسة‭ ‬بوتين،‭ ‬العلامة‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬صراع‭ ‬موسكو‭ ‬والغرب،‭ ‬مرّ‭ ‬مرورَ‭ ‬الكرام‭ ‬حين‭ ‬نظمت‭ ‬روسيا‭ ‬المونديال‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2018‭.‬

اللافت‭ ‬هو‭ ‬انَّ‭ ‬دول‭ ‬العمّال‭ ‬الاسيويين‭ ‬لا‭ ‬يحملون‭ ‬لواء‭ ‬الإدانة‭ ‬ضد‭ ‬الدوحة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ترتفع‭ ‬الأصوات‭ ‬في‭ ‬عواصم‭ ‬دول‭ ‬كبيرة‭.‬

أمّا‭ ‬ملف‭ ‬النساء‭ ‬فهو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تركيبة‭ ‬البنية‭ ‬الداخلية‭ ‬للنسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬خروقات‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭ ‬القطريات‭ ‬اللائي‭ ‬يتبوأن‭ ‬مناصب‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬والإدارات‭ ‬والجامعات‭ ‬بفرص‭ ‬لا‭ ‬تمنح‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬غربية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭. ‬وما‭ ‬حصل‭ ‬من‭ ‬خطأ‭ ‬اجرائي‭ ‬اداري‭ ‬على‭ ‬مستوي‭ ‬تنفيذي‭ ‬متدن‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬متسرعة‭ ‬لملاحقة‭ ‬جريمة‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬عند‭ ‬تفتيش‭ ‬سيدات‭ ‬أستراليات‭ ‬بما‭ ‬ينتهك‭ ‬الخصوصية‭ ‬بحسب‭ ‬دعاواهم‭ ‬القضائية‭ ‬انّما‭ ‬ذلك‭ ‬حدث‭ ‬محدود‭ ‬ومنعزل‭ ‬عن‭ ‬سياق‭ ‬وضع‭ ‬دولة‭ ‬كاملة،‭ ‬وانّ‭ ‬القضاء‭ ‬يأخذ‭ ‬مجراه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬وينصف‭ ‬المتضررين،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭.‬

وبشأن‭ ‬ملف‭ ‬الشاذين‭ ‬جنسياً،‭ ‬تلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬تغذيها‭ ‬الاجندات‭ ‬الغامضة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬عامة،‭ ‬وسط‭ ‬رفض‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية‭ ‬ذاتها‭ ‬برغم‭ ‬التشريعات‭ ‬الحامية‭ ‬لحقوقهم،‭ ‬فذلك‭ ‬أمر‭ ‬يخص‭ ‬قوانين‭ ‬وتقاليد‭ ‬وخصوصيات‭ ‬كل‭ ‬بلد،‭ ‬وبطريقة‭ ‬مبسطة‭ ‬جداً،‭ ‬فإنَّ‭ ‬ما‭ ‬تؤيده‭ ‬وتتبناه‭ ‬في‭ ‬مجتمعك‭ ‬لن‭ ‬تستطيع‭ ‬فرضه‭ ‬على‭ ‬مجتمعات‭ ‬أخرى،‭ ‬وهذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬التي‭ ‬تستنكر‭ ‬تشجيع‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالمثليين‭.‬

‭ ‬مونديال‭ ‬قطر‭ ‬مفخرة‭ ‬للعرب‭ ‬جميعاً،‭ ‬وعلى‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬ينظر‭ ‬اليه‭ ‬كمفخرة‭ ‬له‭ ‬أيضاً،‭ ‬فذلك‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬العولمة‭ ‬التي‭ ‬يتبناها‭ ‬العالم‭ ‬الغربي،‭ ‬إنْ‭ ‬كانت‭ ‬العولمةُ‭ ‬حقاً‭ ‬هي‭ ‬المشاركة‭ ‬التفاعلية‭ ‬الإنسانية‭ ‬للقيم‭ ‬والممارسات‭ ‬والمصالح‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬السلام‭ ‬العالمي‭ ‬والصلة‭ ‬بين‭ ‬الضفاف،‭ ‬وليس‭ ‬شيئاً‭ ‬آخر‭.‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *