في مثل هذه الايام، من كل عام، تشهد صحة الكهرباء تحسنا ملحوظاً، نتيجة اعتدال درجات الحرارة، وتراجع معدلات الاستهلاك، مع ارتفاع الكميات المنتجة، الا ان هذا التعافي، لم يغير من واقع اسعار الطاقة التي يجهزها اصحاب المولدات الاهلية، فهم مازالوا يفرضون التعريفة التي يرونها، معللين ذلك بارتفاع اسعار الوقود المجهز لهم!!..
وفي العادة لايطمئن العراقيون الى هذا التحسن الذي يشعرون به في اشهر الخريف والربيع، فما ان تنخفض درجات الحرارة او ترتفع ، حتى تتدهور صحة الكهرباء من جديد..
والى هنا نترك الكهرباء لنتحول الى ملف اخر على ان نعود اليها مرة اخرى لاكمال عملية الربط الثلاثي بين الملفات التي احتواها العنوان.. الملف الاخر يرتبط بالغذاء وبرنامج البطاقة التموينية، الذي شهد الكثير من التحولات المرتبكة، وكان دائما يتعرض الى الانهيار، وهذا الانهيار اما ان يكون في تأخر وصولا المواد الغذائية الى مستحقيها، او في رداءة نوعيتها التي كانت وفي مراحل معينة لاتصلح للاستهلاك البشري، ولكن برغم ذلك، بقيت البطاقة التموينية تمثل احد مرتكزات السلة الغذائية للاسرة العراقية، لاسيما الفقراء منهم، كما انها تمثل معادلا مهما لاسعار المواد الغذائية في الاسواق.
وقطعا، ان الدواء لايقل شأنا واهمية عن الغذاء، ومعلوم لدى الجميع، المشاكل الكثيرة التي يعاني منها القطاع الصحي في العراق، وقد تسببت تلك المشاكل في تراجع مستوى الخدمات الطبية والصحية التي تقدمها المؤسسات الصحية الحكومية، الامر الذي اضطر الناس بالذهاب الى المستشفيات الاهلية ، التي مازالت تعمل من دون معايير واضحة المعالم، يمكن ان تأخذ بنظر الاعتبار المستوى المعيشي للناس.
ومن هذه النقطة بالذات، ابدأ بعملية الربط بين الغذاء والدواء والكهرباء، وامن الفقراء، وعملية الربط هذه تنطلق من منح هذه الملفات الثلاثة، الاولوية ضمن المنهاج الوزاري لحكومة السيد السوداني، وقد بدت هذه الاولوية واضحة من حركة رئيس الوزراء، وزياراته الميدانية التي بدأها بوزارة الصحة ولقاء وزير التجارة، ثم زيارة وزارة الكهرباء، وتوجيهاته الواضحة للمعنيين، بضرورة وضع خطط بتوقيتات محددة، للشروع بمعالجة جميع الاشكالات في هذه الملفات، على ان يبدأ الناس بتلمس النتائج في اقرب وقت ممكن.
وهنا نقول ، ان هذه الملفات هي الاكثر تعقيدا، بين القضايا التي تتصدى لها الحكومة، لسببين اثنين، الاول ضخامة التراكمات على مدى عقود من الزمان، ادى الى تكلّس مفاصلها، وعلى هذا الاساس فهي تحتاج الى جرّاح مفاصل ماهر، يكون بمقدوره اعادة هذه المفاصل الى الحركة من دون ان يتسبب لها بضرر قد يؤدي بها الى الشلل، والثاني يرتبط بالاموال والتخصيصات المالية، وقد يبدو هذا الامر الان اسهل مع وجود فائض مالي جيد ، وتعافي اقتصادي لابأس به.
فإذا ماتوفرت الارادة الحكومية والادارة القطاعية المتميزة، فأننا نتوقع حلولا ومعالجات ذات شأن في هذه الملفات المفصلية، والحلول تحتاج الى عملية توطين للصناعات الدوائية، وتطوير الزراعة، ومعالجة مشاكل الكهرباء، انتاجا ونقلا وتوزيعا..