زج المنتخبات الوطنية في مباريات دولية ودية عالية المستوى ، أمر محمود لا يختلف عليه اثنان ، لانها محك حقيقي لمعرفة اين تتموقع هذه المنتخبات الوطنية ومن اين يجب ان يبدأ الاتحاد في عملية اعدادها ، ومعرفة التقدير الصحيح للسقف الزمني الذي تحتاجه هذه المنتخبات للوصول الى اهدافها ، ومواكبة انجازات كبار منتخبات القارة الاسيوية .. بعد كل اخفاق للمنتخب ، تذهب اصابع الاتهام الى الاتحاد والنادي الرياضي .. نعم الاتحاد مسؤول عن وضع ضوابط ادارية تسهم على نحو مباشر في تطوير الاداء الفني لللاعب والمدرب والفريق على حد سواء ، من خلال تنظيم مسابقات سنوية على مستوى فئات الاشبال والناشئين والشباب والرديف للدوري الممتاز ودوري الدرجة الاولى ، وتوفير كل اسباب النجاح لهذه البطولات ، وإلزام كل الاندية في المشاركة فيها .. نعم النادي الرياضي هو المسؤول المباشر عن صناعة اللاعب من خلال توفير عقد عمل معتبر و راتب مجز له ورعاية فنية كاملة .. نعم المدرب هو المسؤول عن التربية التدريبية للاعب , والوصول به الى اعلى درجات العطاء ..نعم البنى التحتية لهاعلاقة عضوية بتطوير اداء اللاعب والفريق والمدرب ايضاً ..هذه حقائق متفق على تفاصيلها ، ولكن هل من الصحيح ان نبرأ ساحة اللاعب من تهمة التقصير في (عدم) تحسين ادائه ومردوده .. كلا وعلى نحو مؤكد ..عدد كبير من لاعبي منتخباتنا الوطنية لفئات الناشئين والشباب والاولمبي والوطني ، (غير) حريصين على الالتزام بتعليمات مدربيهم في التفرغ شبه التام لحياتهم الرياضية ، من زاويا الاهتمام بنوعية الغذاء ، واوقات النوم ، والتحلي بالانضباط المطلوب في تنفيذ مفردات الوحدة التدريبية ، وزيادة السقف الزمني للتدريب الى اربع ساعات يومية على اقل تقدير .. أرى من الضروري ان نتوجه الى لاعب المنتخب على نحو مباشر ، و نتوقف عن تبرير اخطائه المتكررة ، ونسمي الشيء بمسماه ونقول انه كسول ويتجاهل حقيقة واضحة ، وهي ان عمره الرياضي لا يتجاوز عشر سنوات في افضل الاحوال ، ويجب ان يكون في (الفورمة) الفنية قدر المستطاع ، ولكنه (لا) يكترث لذلك و(لا) يحرص على تطوير خبراته ..وهنا أشير الى حالات وفاء واخلاص تؤكد البون الشاسع بين (عدم) مهنية عدد من لاعبي منتخباتنا الوطنية ، والمهنية العالية لرموز كرة القدم في العالم ، وكيف انهم يعدون تمثيل منتخباتهم الوطنية شرفاً رياضياً رفيعاً ما بعده شرف ، ويقدمون افضل ما لديهم دون أي تلكوء او تردد ، أو إعتبار للجانب المالي ، او الخشية من الاصابة .. ليونيل ميسي أصر على المشاركة في دورة الالعاب الاولمبية التي جرت في الصين عام 2008 رغم ان ادارة برشلونة اعترضت على رغبة ميسي ، التي كانت تتعارض مع بند في عقد اللعب المبرم بين الجانبين ، والذي ينص على ان النادي له الحق في رفض طلب اللاعب في المشاركة في نهائيات دورة الالعاب الاولمبية ، لكن ميسي اصر على المشاركة وكان وقتذاك في أوج تألقه ، ونزل النادي عند رغبة ميسي وشارك في تلك الدورة وقاد منتخب بلاده الى الفوز بالميدالية الذهبية ، ليصبح نموذجاً للوفاء والاخلاص لقميص منتخب بلاده ، فضلا عن مهنيته الفنية .. ويشير بن عطية رئيس منتخب المغرب وفريق نادي يوفنتوس السابق الى موقف فني يعبر عن حرص ومهنية زميله في النادي قبل اربعة مواسم النجم اللامع كريستاينو رونالدو ، ويقول كنا في حافلة النادي عائدين من مباراة في الدوري الايطالي ، الى ملعب النادي ، وكان المتوقع ان يقل كل لاعب سيارته الخاصة في الملعب ، ويتجه الى محل سكنه ، ولكن رونالدو لم يفعل ذلك وانما ذهب الى ملعب النادي ، وحاولت (يضيف بن عطية) ان اعرف السبب ، وقلت لماذا لا تعود الى بيتك ، قال رونالدو ، لا اشعر بالتعب ، وساخوض وحدة تدريبية تساعدني على الحفاظ على لياقتي البدنية .. ونموذج ثالث يؤكد حرص اللاعب على الحفاط على مهاراته الحركية الاساسية ، اذ يقول ديل بيرو نجم منتخب ايطاليا وميلان ويوفنتوس السابق انه كان ينفذ مائة ضربة حرة مباشرة بعد الانتهاء من الوحدة التدريبية المقررة للنادي ، ليضمن حسن تنفيذ هذه الضربة اذا سنحت لفريقه اثناء المباراة الرسمية . المسافة شاسعة بين حرص نجوم العالم في ادامة تالقهم ، وبين لاعبينا (الدوليين) في هذه الايام الذين يؤدي عدد منهم واجباتهم الفنية في البطولات والمباريات الدولية الودية على سبيل اسقاط الفرض .