تابعت بتعجب واستغراب ، ردود الافعال عند عدد من الاعلاميين العرب ، ولا سيما زملائي الصحفيين عندنا ، على قرار منح الأكاديمية السويدية الكاتبة الفرنسية “آني إيرنو” جائزة نوبل للآداب لعام 2022 ، حيث اعتبر بعضهم ان هذه الجائزة فقدت بريقها ، عندما مُنحت لكاتبة اصدرت عدة روايات قصيرة معظمها عبارة عن سير ذاتية ، لا ترتقي الى مصاف العطاء الادبي الذي يؤثر في البنية الاجتماعية في عموم الحياة .
شخصيا ، لم اقرأ لصاحبة ” نوبل ” شيئاً ، لكني حرصتُ بعد منحها الجائزة ، الاطلاع على بعض آثارها المترجمة عبر القراءة الالكترونية ، وبالخصوص اعمالها ذات العنوان الواحد ( امرأة ) و ( الحدث ) و ( الساحة ) فشعرتُ بالتوافق العميق مع ما أكدته لجنة نوبل ، بأن “إيرنو” مُنحت الجائزة ” للشجاعة والبراعة في المعالجة اللتين أظهرتهما عند كشفها عن الجذور، والبعد، والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية”… وان “عملها لا يقبل المساومة، ومكتوب بلغة سهلة، وواضحة، ونقية ” ، وحين يكمل القارئ احدى رواياتها ، فأنه يرى ان الفائزة بنوبل “استوحت نتاجها من حياتها الشخصية في المقام الأول، وتأرجح بين مواضيع الأسرة، والطبقية، والسياسة، والمرأة بنوع غير مسبوق بالبوح الجريء المفعم بلغة بسيطة ، تمنح القارئ فرصة في تأويل محبب ، تأويل عميق المعنى ، نابع من نداء اللحظة، وحرارة التجربة ، دون لعب بالمفردات ، والغوص في متاهات لا حدود لها ، ولا رأي يفضي إلى معنى محدّد .
في رواياتها ، رغم قصرها ، يلاحظ القارئ انها لا تبحث عن الحياة السهلة بل تبحث عن مصادر القوّة والجرأة فيها ، وبذلك جنت ثمار رؤيتها حين جسدتها في كتابة صادقة ، فحصدت الجائزة الحلم وهي بعمر 82 سنة .
ولستُ ، هنا بمعرض التقليل من اهمية اعطاء رأي محدد بعمل ما ، او كاتب معين ، او نقد موضوعي ولاسيما في المجال الادبي او الثقافي ، فالنقد دعامة ، لا يقوم الادب إلا بها وعليها.. ومع مسيرتي المهنية الطويلة وجدتُ إن النقاد قلما اتفقوا على رأي واحد في تقديرهم للأثر الواحد ..
اتمنى ان نقرأ كثيرا بصمت ، حتى نعطي رأيا مقبولاً بصوت عال