أستمع بين الحين والآخر للشِعر وأصغي لشاعرية بعض الأبيات والصور الشِعرية التي يخلقها الحب أو الموقف أو الحزن، ولازلت أفضِّل بعض قصائد نزار قباني منها قصيدة ومابين حبٍ وحبٍ أحبكِ انتِ، وأعنفُ حبٍ عشته، لأن نزار يحمل أسلوباً مختلفاً وأنه أول من لامس قلبي بشِعره الوجداني .. كونه الشاعر الجريء والشجاع الذي لم يعرف النفاق المجتمعي وكتب وألقى الحقائق في قصائده السياسية والعاطفية والجنسية التي لايجرؤ الكثيرين على قولها أو الإعتراف فيها .
فالكثير مِنّا يجهل أن المرأة هي القُطب الذي يدور حوله الجميع ، وصَرَّح نزار بهذه القضية في إحدى قصائده، ورغم أن جميع الرجال مأسورين بجمال المرأة أو جسدها ومفاتنها إلا أنهم يحاربونها ويهاجموهنا ويقمعونها ومثل هذه التناقضات المجتمعية لايعرفها الشعراء الحقيقيون، ولأنني اكرس كثيراً من وقتي وجهدي وكتاباتي في مجال دعم شريحة المستضعفات من النساء فأعتقد أن هكذا أعمال فنية سواء الشعرية أوالدرامية والمسرحية تلبي نداءات تمكين المجتمعات من التغيير، لأن التغيير يأتي من نواة الفكرة لتصبح نبتة ثم شجرة يستظل بأوراقها الناس، وأجزم أن الأصوات التي ترتفع في فَنّها مثل الأصوات التي تحمل اللافتات السياسية لأنها تؤثِّر في جمهورها وتُمرِّر ثقافة مميزة وراقية، وهذا ماوجدته في أصوات كثير من الشعراء العراقيين تحديداً الذين غازلوا حبيباتهم وفارقوا أمهاتهم وأشادوا بآبائهم وناجوا أصدقائهم بأبيات تسكن فيها لذة الحزن والتعلق تلك السجيتان اللتان لا تفارقنا، ورغم كل ماكُتب وقيل لم أسمع أو أرى شاعراً عراقياً يقول: “أنني شاعر أكتب عن المرأة لأنها تعاني بأستمرار من سلطة المجتمع وقيوده غير المبررة” ، وسمعتُ أبياتاً للشاعر العراقي المغترب حسان البابلي في لقاء تلفازي وفيديو كليب ينصر المرأة ويتحدث عن ضعفها في قصيدة أنا أعتبرها ثورة من الكلمات على قالب التخلف الذي قيدنا فيه مجتمعنا لأعوام طوال، عندما يقول: “ابتسمي عفيه بلا سبب يالضحتكج أبد مو قلة أدب، فتشوا رادوا عيوب شحصلوا غير التعب، أدري زعلانة لأن عافج حبيب وأدري علتج مايطيبها ولا مية طبيب، عيشي أدوار الطفولة وكوني جسرة ومو خجولة الناس متحب السهولة، وأخذي دور العاشقات انتي يالتروحلج فدوة البنات” .
أقول: ربما لايخدمنا أو ينصفنا الساسة أو سادة الحكم بقدر ما ينصفنا ويحكي واقعنا فن شعري صريح ربما يعتقده البعض أنه “تصفيط كلام” ولكنني أقول: صفطوا مثله لوصف المرأة ومعاناتها وآلامها لكي تحصل الضعيفة على القوة، و القوية على قوة أكبر .. وإن البلاد تظفر وتتطور بقاماتها الأدبية و الفنية والعلمية والعسكرية، وعلينا كجمهور متلقِ أن نشجع الفن والشعر الحقيقي الهادف الذي يجذب الروح وليس الفن الهابط الذي يجلب السمع، لأن الفن الحقيقي لا تفهمه أو تقتنيه سوى الأرواح .