في سابق الأزمنة، وفي ذات الأمكنة، كان السارق (محترما) لا يسرق قوت الفقير.. ولا يعتدي على مال العامل والأجير.. ثم إنقلب الحال.. أمسى السارق مجرم حقير.. يسرق المال وما حمل البعير.. ويسير متبخترا كأنه الأمير.. وقد أكل الاخضر قبل اليابس مثل نار السعير..
وصارت عمليات (اللفط والشفط) مثل حكايا الخيال ، فيها العجب العجاب .. سوف يتلاقفها الأحباب عبر الأجيال .. ففي إبشع المخالفات وفي أفقر المحافظات.. طلب المدير العام لدائرة الصحة فيها أجهزة (سيبات) بواقع ٥٢٠ جهازا يفوق أضعاف ما تحتاجه المحافظة ، لأن عدد الأسرة المخصصة لها أقل من ٥٠ سريرا فقط في عموم المحافظة ، وكان لدى الدائرة أكثر من ١٠٠ جهاز قبل طلب هذه الاجهزة، وهذا الطلب بحد ذاته جريمة تصل عقوبتها الى السجن لسبع سنوات وفقا للمادة ٣٤٠ من قانون العقوبات.
والأدهى من ذلك الأجهزة التي إستلمتها دائرة الصحة غير مزودة ببطاريات داخلية، وإستخدامها يؤدي الى موت المريض، وهذا موثق في تحقيق إداري مصدق، وهذه جريمة أخرى .
فالحرامي في يومنا هذا يسرق ويقتل ويبطش في بيئة تشجع على (الفرهود) تحت شعار (سبع إليعبي بالسكلة ركي) ، وهو بطل بين أقرانه مرفوع الرأس بمجتمع ضيع بوصلة الفضيلة ، فيما كان الحرامي منبوذا ومحتقرا بالمجتمع الى أن رفعته (الفوضى الخلاقة) ليكون محترما .
عسى أن تتمكن الحكومة الجديدة من مكافحة جائحة الفساد بلقاح الردع والقوة والحد من تفشيه بمؤسسات الدولة.