عادت الحكومة مرة اخرى لموضوع التأمين الصحي , قانون يبدو ظاهره فيه الرحمه وباطنه من قبل الموظفين العذاب .من يطلع على القانون ولو احسن الظن فلن يجد فيه غير استقطاع مبالغ من الموظفين وحسب ، فليس فيه شمول للمستشفيات الأهلية ولا ذكر للاختصاصات الطبية كافة عدا طب الأسنان والمختبرات ، وفيه وصف فضفاض للكثير من الفقرات مثلاً دفع نسبة كذا من قيمة الخدمة الصحية عند المراجعة ونسبة كذا لكلف الدواء والعلاج دون ذكر او تفصيل واضح للحالات ، وليس هنالك شمول لكل الصيدليات.صحيح ان وزارة الصحة هي المعنية باصدار تعليمات تنفيذ القانون وتسهيل تطبيقة كما معمول بهِ ولكن يجب تفصيل القانون وليس منحه كل هذا الفضاء الواسع ، لان هذا الفضاء سيفتح باب فساد وقد يصبح القانون اعرج ولا يسير بشكل سليم على الجميع واعور لا ينظر للكل بنفس النظرة .
سيتلاعب اصحاب النفوس الضعيفة من الصيادلة واطباء الأسنان واصحاب المخابر بالاسعار من اجل تحقيق اقصى ربح على حساب الناس لاننا نعرف ان الادوية والتحاليل والعلاج غير مسعر ولا محدد من قبل الوزارة ولايوجد رقابة على اي مرفق صحي ولا سيطرة لاي جهة على قطاع الصحة في العراق.
والكل يعرف ان نسبة 90 بالمئة من المواطنين تقريباً لايذهبون للعلاج والتشافي واجراء العمليات او عمل تحليل او اي اجراء صحي في المستشفيات الحكومية اواي من مرافق الدولة الصحية لانهم ببساطة لا يثقون في الدولة ولا في خدماتها الصحية .
ويكفي تصريح نقيب الاطباء ووصفه الواقع الصحي في العراق بالمتخلف والبيئة الغير سليمة فكيف سنطبق القانون الجديد وواقعنا بهذا الشكل ؟؟؟اضرب مثل شخصي .. قبل كم سنة كنا في العراق وتعرضت زوجتي لعارض صحي وذهبت بها الى دكتورة مرموقة جداً وقالت بالنص “عمليتها صعبة وضمان نجاحها لا يتعدى 60بالمئة ? وتكلفتها مليونين دينار” وبعد مدة من العذاب قررنا ان نسافر الى سوريا وهناك ذهبنا الى افضل دكتورة في الشرق الاوسط ومن المعروفات عالمياً في مجالها وقالت “انها عملية بسيطة ومضمونة 200 بالمئة ? وتكلف 400$”
لاحظ عزيزي الفرق بين الرقمين 1600$ مع ضمان اقل من 60 بالمئة ? وبين 400$ وضمان 100 بالمئة ? وعناية فائقة .
خلال وعكة زوجتي تلك كانت حالتها تسوء ليلاً وبشكل يكاد يكون يومي اذهب بها الى المستشفى “المشكلة ان حالتها لاتستقبلها المستشفيات الاهلية” وصرت نزيل كل مستشفيات بغداد تقريباً ، وهناك شاهدت العجب وتشاجرت اكثر من مرة بسبب سوء الخدمة والتعامل واهانة المواطنين وتجبر وتسلط الممرضات وموظفي الاستعلامات ، ليس الكل طبعاً فلازالت في قلب البعض رحمة وانسانية .. اقول البعض .
غرفة السونار
في احدى تلك الليالي احتاجت الى اجراء فحص بالسونار وذهبت بها بسرعة الى غرفة السونار ، كانت الساعة 2 فجراً والموظف نائم , انزعج وامتعض وتململ لانني ايقضته، مع انه خفر السونار الوحيد .. لكنه عاقبني على ايقاضه بان تعامل معي بخشونة واهانني مما اضطرني لان اهينه واتجاوز الادب وتشاجرنا وبرغم اني هددته باني سوف اشتكي عند مدير عام مدينة الطب لكنه لم يهتم ولم يرعوي بل قال “روح شسوي سوي لو توصل حتى للوزير ميهمني” .
هذا نموذج عن دوائر الصحة في العراق ناهيكم عن قلة وجود الدواء والبيروقراطية في الاجراءات وانعدام النظافة .. فهل يصح تطبيق قانون الضمان مع وجود ناس ودوائر وواقع صحي بهذا المستوى ؟