ما ان اجتاحت القوات الروسية الاراضي الاوكرانية وبدأت اخبار المعارك واحاديثها تنتشر من خلال الفضائيات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ،حتى وجدنا انفسنا في اتون معركة اشعلها منحازون لجهتي الصراع، ونحن لسنا طرفاً وليس لنا فيها ناقة ولا جمل، كل ما هناك ان دول ومنها جارة تؤيد روسيا واخرى اوكرانيا ومعسكرها الغربي ،وفجأة بدات تنهال علينا رغما عنا مقاطع تُبجل بالجيش الروسي واسلحته الفتاكة واخرى تمتدح المقاومة الاوكرانية والدعم الغربي لها بالمال والاسلحة المتطورة، اما لماذا هذه الانحيازات ؟ فذلك تأكيد على وجود مخابرات دولية ترعى نشر هذه المقاطع لاسيما التي تُمجد بروسيا ؛لان دول اقليمية اصبحت محسوبة على معسكرها، وهي دعاية حرب عجيبة ،فهم يُروجون لحليف ومعسكر يريدون له البقاء والانتصار، وان يكون رمزاً لمقاومة التمدد الامريكي وحلفاؤه ،اذ ان اوكرانيا برأيهم هي السبب، وهي من جاء بالنفوذ الامريكي لمنطقة نفوذ روسيا، وهكذا ترجعنا هذه الصورة التي بدت واضحة لدى الواعين ،الى ما حصل ايام الحرب البارة حيث الاصطفاف الاعلامي المشبع بالأيديولوجيات، وهو يعزز انتماؤه وانحيازه كلاً حسب معسكره الشيوعي والرأسمالي الغربي ليجر مناطق من المفروض ان تنأى بنفسها وتبتعد عن الانحيازات ،ففي بلدنا العراق عجلت الانحيازات ولهفتها والفئات المفتونة بمعسكراتها الى خلق انفعالات وثورات نفسية بنتيجتها كانت تقف وراء اضطراب الشارع العراقي، ففي الذاكرة مأساة اسقاط نظام ملكي واضطراب اوضاع وحركات متصارعة في العهد الجمهوري الاول وما تلاه تمثلت بانقسام الشارع بين شيوعي مدعوم من المعسكر الشرقي السوفيتي واخر قومي مدعوم من عبد الناصر واذاعته صوت العرب من القاهرة وثالث مدعوم من المعسكر الغربي ،وكانت النتيجة الواضحة عدم استقرار العراق، ومازال الانحياز وعاطفته هي من تمنح الحيوية مرة تلو اخرى للتعصب الايديولوجي والانقسام السياسي الذي يزج نفسه في معارك الغير وحتماً هو الخاسر فسيأتي يوم تتصالح الدول وتتفق اما نحن فلنا الاحتقان والتحزب ومن ثم الاضطراب والبؤس.