الكاتب خالد القيسي
الصورةُ واضحة ، الرئاسات الثلاثة منذ قيامها انشغلت بالامتيازات والمواقع ولم تتبنى مشروع بناء دولة عصرية وخلق مؤسسات تغير من صورة مجتمع يتفهم خسائر ثلاثة عقود من الزمن وما كلفته من فقدان أنفس بشرية ومادية كبيرة جدا .
المشهد الغامض للرئاسات التي ابقت نفسها بعقدي عمرها من التسويف والاطالة ، الذي لم يسعفها في اصلاح أو بناء ، ولم نرى اي اداء تشريعي رقابي او تنفيذي يعالج واقع البلد المتردي الذي ينحدر من سيء الى أسوء، سوى إكتنازها الاموال وما ادخرت من الغنائم للدائرة المحيطة بها, اما الناس البسطاء فلا شأن لهم من تلك التي يمتلكها اصحاب النفوذ والسلطة .
ما أفرزه الزمن والواقع ان السلطة بعد 2003 نيسان تدار من اصحاب نفوذ دول الجوار، لصورة خلقها الظرف الاستثنائي لازالة الصنم ، يساعدهم في ذلك فئة كردية تعمل للانفصال وتضع مصلحة عائلة البرزاني في مقدمة كل نشاطهم السياسي بما اعتاد عليه حزب العائلة في الطاعة العمياء في تلقي وتنفيذ اوامر القوى الاجنبية في خلق بؤرة توتر مستديمة للبلد وللمنطقة .
أماالطريقة التي اعتاد عليها طرفي المعادلة المتنافسة على السلطة التي انتجها التغيير بعد 2003 أيضا بتقديم الولاء والنفوذ لدول الجوار التي اصبحت سمة وعلامة دالة في طروحاتهما المتعلقة بالسياسة والسيادة والاقتصاد ، مع القيام بفعاليات تعرقل حلول واقع وازمات البلد بينهما ، حتى تبلغ نهاياتِهما في ان يعترض الطرف الواحد على نفسه (دون التعاون ) مستندعلى مبدأ عدم بناء الثقة وسحب البساط من بين أطرافه في الانجاز وتحمل المسؤولية ، وحتى لا يتم انجاز وتسجيل فوز لاسم معين كما هو مع عدم اقرارمشروع البنى التحتية وانجاز ميناء الفاو ، رغم تدخل أطراف متعددة خارجية فيه لتحقيق غايات واجندات اقتصادية لا تريد لهذا الشعب أن يعيد عافيته .
ولهذا لا تغيير ولم يستبشر الناس بتوافقية السلطة سابقا حتى يراد تدويرها مجددا !! والتي لم تعد بنفع بناء مستشفيات، مدارس وتبليط شوارع ، اعادة الكهرباء المعضلة الاكبر، ومعالجة البطالة التي اثقلت كيان المجتمع بانواع المشاكل ، فمضت فوضى ثرثرة الاصلاح بمكاسب مزعومة عند تجمعات واحزاب وتيارات لا يكسب منها الفقراء والمعوزين والمهجرين الا زيادة في العوز والجفاء .
المشاركة الحقيقية في القرار السياسي والسيادي لا يأتي من مشاركة الكل في مكتسبات الحكومة ومردودها ، ولنا في الضياع الذي مضى سنين واعوام بسرعة عبرة ودليل لا يمكن تجاهله ، وانما التوافق مع ما خطته ديمقراطية من سبقنا ، نبحث عنها كطوق لمن يفوز يحكم والخاسر يذهب للمعارضة التي قد تعيده الى الحكم مرة أخرى، وهذه من أسس الديمقراطية في اوضح صورها.