لا أحد يدري لماذا يتحوّل الجندي العراقي الى حارس من دون أجور لدى إيران لكي يحمي حدودها من تسلل كردي معارض ينطلق من مناطق في الإقليم الكردي العراقي بحسب رواية رسمية إيرانية ظهرت بقوة في الأسابيع القليلة الاخيرة بعد اندلاع الاحتجاجات غير المسبوقة في المدن الكردية داخل ايران اثر مقتل شابة ورفضاً لفرض للقيود على الحريات القومية والمدنية.
يمكن للعراق أن يعزز نقاطه الحدودية مع جميع دول الجوار بحسب الأعراف العسكرية والامنية التي تتيح مراقبة الحدود، ليس أكثر.
الحدود بين إيران والعراق وعرة وطويلة، ومن المفروض ان تنشر ايران، صاحبة المشكلة، قواتها على خط تلك الحدود لمنع التسلل، وليس ذلك من واجب العراق الذي لا يزال يعاني من مشكلة الإرهاب المصدرة اليه من دول الجوار، وهو بحاجة الى كل جندي لأداء مهمات وطنية داخلية، كما انّ الواجب الجديد المُكلف به الجندي العراقي سيضعه هدفاً لعدو احتمالي جديد، هم عناصر المجموعات الإيرانية المعارضة المسلحة فيما لو صدقت الرواية الإيرانية حول انهم يشكلون خطراً قادماً من العراق.
يتطلب نشر قوات عراقية إضافية على الحدود موارد عظيمة تستنزف موازنة الدولة في وقت يحتاج فيه البلد الخارج من تداعيات حروب عدة كل دولار وكل طاقة من اجل إعادة البناء والاعمار وتجاوز المحن.
إنَّ إيران، وليس العراق ، لديها مشكلة حقيقية لا يمكنها الاستمرار في تجاهلها هي مشكلة القوميات الرئيسية التي يتكون منها الشعب الإيراني، والقومية الكردية هناك تعدادها10ملايين من أصل 83 مليون نسمة عدد سكان ايران الكلي، وتعاني القومية الكردية الإيرانية غياب التمثيل السياسي لها على مستوى الحكم المحلي والبلديات وانعدام التنمية الاقتصادية في المناطق الكردية، فضلا عن حظر تعليم لغتهم الأم في المدارس، والكرد الإيرانيون باتوا يشهدون في عصر الاعلام المفتوح، انّ تلك الحريات الأساسية الممنوعة يتمتع بها أقرانهم الكرد في العراق منذ عقود الى جانب مشاركتهم في المناصب العليا للبلاد.
إنّه من المستغرب أن تكون العقلية السياسية الإيرانية التي أظهرت ذكاءا عالياً في استغلال فرص استراتيجية في خلال تحولات أوضاع المنطقة في الشرق الأوسط أن تراوح مكانها وترتد الى اوليات الفكر الشمولي الذي شهدت هي سقوطه في العراق، ليس بفعل الاحتلال الأمريكي وحده، ولكن بحكم نفور العراقيين من كبته وقمعه ولونه الواحد.
حان الوقت في إيران أن تحدث مزاوجة سياسية بين ولاية الفقيه وحقوق القوميات في حكمها الذاتي، قبل أن يحدث انفصام نهائي تحدّث عنه وزير الخارجية الإيراني عبداللهيان حين قال، اننا أفشلنا المؤامرة التي تريد تقسيم ايران، وهو كلام تعبوي اذا لم يولد ما يعادله في الواقع من تصدٍ دستوري لمشكلة حقوق القوميات قبل اتهامها بالتآمر على البلاد