ليس ضروريا ان تكون إعلاميا ناجحا ، عندما تعمل في مجالات الصحافة والإذاعة والتلفزيون وسواها . إن تحقيق ذلك يحتاج الى ما يعزز العمل ويكسبه نكهة الإبداع والتميز ، والا فانت مجرد موظف في قطاع إعلامي ، تحتاج الى الكثير لكي تنفرد بصفات اعلامية واضحة وشاخصة . هنا اتحدث عن اختلاط الحابل بالنابل ! والنتيجة البقاء في الصفوف الاخيرة . وللاقتراب من الصورة نتساءل من هو “الشاطر في المجال الاعلامي ؟ انه من يعرف ما هو المطلوب منه ويعرف كيف يوظف قدراته لكي تتسق ودوره الإعلامي المطلوب ، وان يدرك ان للنجاح مستلزمات لابد منها لكي يستحق اللقب الذي يحمله ويريد ان يكون جديرا به .
ان العمل وخاصة في التلفزيون ليس مجرد ظهور على الشاشة الفضية بحثا عن انتشار ونجومية ، فهذان ايضا يحتاجان الى مايجعل من ذلك الظهور قيمة واهمية .من هنا يجيء الحرص في مقدمة اسباب التألق والثقافة والإنغماس فيما يهم الفرد والمجتمع والا لتحول الى مجرد دمية جميلة بلا اثر واهمية .
فالمذيع هنا له دور الاستكشاف والتعبير عن خلد المشاهد فالثقافة والمعلومات هما سلاح الاعلامي الذي يتصدى به للعديد من المشكلات الاجتماعية والتنموية وغيرها والمذيع هو واجهة اعلامية يجدر التوقف عندها طويلا
بين المذيع والمندوب والمراسل ثمة فروق سنتحدث عنها لاحقا ..
ومما يروى في هذا المجال ان “مندوبا” لامعا في مديرية الأخبار والبرامج السياسية ، قدم طلبا في احدى دورات المذيعين الجدد ، وكنت حينها عضوا في لجنة اختيار واختبار المتقدمين ، وعندما وقع طلبه بين يدى ارسلت عليه واثنيت على خطوته، ولما سألته لماذا يريد ان يكون مذيعا وهو مندوب تلفزيوني ناجح قال انه يجد في نفسه الكفاءة كمذيع .
هنا قلت له ولكنك كمندوب تلفزيوني تقف في الخط الاول بينما لو تحولت الى ” مذيــع ستكون واحدا من عشرة ! وسيقل ظهورك اليومي على الشاشة .انك جيد في عملك ولاينافسك فيه احد. الدائرة بحاجة اليوم الى مندوبين اكثر من حاجتها الى مذيعين
ويبدو ان الرجل اقتنع برأيي ، وقال لي شكرا ساسحب الطلب وهذا ماكان . وواصل عمله بابداع اكثر من السابق وظل في المقدمة نجما من نجوم الاعلام التلفزيوني ..
ومادمنا نتحدث عن دورات التقديم للعمل كمذيعين في الاذاعة والتلفزيون اتذكر ان هناك ثمة ظاهرة تتعلق باخفاق الكثير من المتقدمين للعمل كمذيعين ومن خريجي اقسام اللغة العربية تحديدا بقراءة النصوص باللغة العربية الفصحى ، كانوا يتعثرون في القراءة السليمة ولكن الغريب انهم حينما كانوا يعربون الجمل فانهم يعربونها بشكل صحيح .
المشكلة لديهم تكمن في القراءة وليس في الكتابة والتحرير وسبب ذلك كما يبدو لي هو اهتمامهم بالتراكيب اللغوية والبلاغية والنحوية ، اما القراءة فانها تحتاج الى مران خاص.
ولما سألت الدكتور اللغوي الكبير داود سلوم عن سبب ذلك قال إنه التأكيد على الإعراب على حساب القراءة والمحادثة والحوار
وهنا تذكرت شيخ المذيعين وعميدهم الراحل رشدي عبد الصاحب الذي كان ” يتراهــن ” على إعراب كلمة ما ، دون السبب ، لكنه كان يقسم بان هذه الكلمة تقرأ هكذا حتما .
انها الثقة بالنفس التي نحتاج اليها اليوم اكثر من اي وقت آخر الإعلامي الحقيقي لايكتفي بالقشور والمظهر الخارجي ، انه يؤمن بالأهمية والدور ..
حفظ الله كل اعلاميينا وسدد على طريق النجاح والتألق خطواتهم .