انتهى المونديال الرياضي وعاد المونديال السياسي ليُطّل علينا مجدداً باضطراباته وحروبه واستمرار دوران دوامة الصراع والمواجهة، وسيتبين مع قادم الأيام بأنه ليس الا مجرد فقاعة اعلامية سيخف تأثيرها عند انتهائها، لكنها لن تكون مجرد فقاعة للبصير بها وبأحداث هذا المونديال..

تكشف احدى الوثائق بأن قرار اقامة المونديال في قطر تم اتخاذه منذ العام ٢٠١٠ أي قبل بدء الربيع العربي، الذي كانت فيه دويلة قطر رأس حربة أساسية به وبتدمير الدول العربية، وكانت الأدوار موزعة بينهم، وتحديداً في مسألة اقامة الدولة الاسلامية من المشرق الى المغرب بمقابل الدولة اليهودية من النيل الى الفرات، بهدف تقسيم ثروات المشرق والمغرب العربي بين الأنظمة الاستعمارية واستمرار سياسة القطب الواحد..
من سوء حظهم أنه أقيمَ المونديال أخيراً ولكن من دون نجاح مشروع دولتهم الاسلامية المتطرفة، وانقلبَ فيه السحر على الساحر، بعد أن أرادوا من اقامة المونديال في دولة عربية واسلامية بحجته أن يتم التلاسن والتعاطي بين الصهاينة والعرب، وذلك بعد أن سمح النظام القطري لوسائل الاعلام الاسرائيلية أن تلتقي بالشعوب العربية، واقامة بث تجريبي للتطبيع الحاصل بينهم، والنتيجة تبينت أن التطبيع ليس الا حبر على ورق، بمقابل رفض قطعي لشعوب الدول العربية بمجرد التحدث والاعتراف باسرائيل كدولة وليس كاحتلال..
لن ننسى مشهد الممثل الامريكي الضخم مع الرجل المعاق جسدياً، الذي قدمته مجموعة دول التطبيع في الافتتاح ليثبتوا لشعوبهم بأنكم شعبٌ معاق فكرياً وتنويرياً، وبأنكم بحاجة للغرب القوي ذو البدن الجسيم لينتشلكم من القاع الذي أنتم فيه..
والمستغرب في هذا المونديال كان السماح لدويلة قطر بتمرير الدعوة للاسلام والتبشير به، وتطبيق احكامه على الوافدين من الدول الأخرى، وتسويقه في الاعلام، وتأثير الاعلام على الوعي الجمعي الذي يريد أن يهيىء ظروف الاسلام الجديد والمنبطِح استكمالاً للمشروع الذي بدأ به بن سلمان وكل من الامارات ومصر والفاتيكان، وصولاً للديانة الابراهيمية الجديدة..
جميعنا يذكر قصة الطفل ريان من المغرب، الذي تفاعل معه العالم ايام طويلة، ومرّ على العالم لحظات ترقب شديدة قبل اعلان وفاته، ومنذ ذلك الوقت يجري تعويم المغرب واتجاه الأنظار عليه بعد انقطاعها، وعادت بالفعل في المونديال الذي أُقيمَ في قطر وتأهل المغرب للنصف النهائي على حساب منتخب البرتغال وبكاء رونالدو، ومنذ ذلك الوقت يجري تعويم المغرب انسانياً ورياضياً واقتصادياً، والهدف دولة الجزائر، فهناك مخطط يجري ضد الجزائر برعاية المغرب، والاسرائيلي يزج بالسلاح في المغرب وبالقواعد العسكرية والمناورات، والمطلوب تحضير الرأي العام الى جانب المغرب بأي وسيلة..
الأمر نفسه ينطبق على المملكة السعودية وما زلنا عند رأينا القاضي بأن السعودية العميلة نجحت في تلميع صورتها امام الشعوب العربية، عبر لعبة كرة القدم المحبوبة لشريحة واسعة من الشباب العربي، وتعويم نفسها وأخواتها من الأنظمة العميلة كممثلين عن العرب والمسلمين بعد فوزها على الأرجنتين التي فازت بكأس العالم، وأيضاً انتقالها من ضفة المملكة الوهابية الى المملكة الهالوينية، وانتشار الفسق والفجور فيها بشكلٍ كبير..
هذا المونديال غير بريء اذا كان القصد من اقامته في دولة قطر ترويج وتعويم الأنظمة العميلة بعد التصدي لمؤامراتهم المقيتة في المنطقة ( السعودية والامارات والبحرين ومصر والاردن)، والتي شهدت هذه الأنظمة تقارباً في العلاقات بالآونة التي سبقت اقامة المونديال، فلم يكن التقارب السعودي القطري والقطري المصري والمصري والتركي، الا بدفعٍ امريكي من أجل استكمال التكتل الشرق الاوسطي في المنطقة وتعميمه على الشعوب كبديل عن الاتحاد الاوروبي في مواجهة الصين، والذي أي هذا التكتل سيعمد في النهاية، اطاعة الامريكي وضرب المعتقدات عبر ترويج النظام النيوليبرالي الذي لطالما تميّزت به دول وأنظمة الاتحاد الاوروبي..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *