“دعم أمن العراق واستقراره”، جملة تكررت كثيراً وظهرت في مقدمة توصيات مؤتمر بغداد الثاني للتعاون والشراكة المنعقد في الأردن، وهي جملة قديمة أجدها تتكرر آلاف المرات عند العودة الى أرشيف التصريحات الامريكية والدولية والاقليمية منذ اليوم الأول لغزو العراق في العام 2003
،ويبدو انّ تلك الجملة كانت المفتاح السحري للاستمرار في التدخل الخارجي في العراق بموافقات رسمية أو سواها.
وهي جملة قابلة للتطويع والتوظيف والتحوير والتحميل والاستخدام والنقل والتشغيل بطريقة عجيبة من دون أن تترك شكوكاً حول نيّات مَن يقوم باستعمالها.
غير انّه من جانب آخر، لا تعني جملة استقرار وأمن العراق أيّ شيء وتبقى فارغة من معناها، لأنّ الدول غير مستعدة عملياً ان تقوم بأعمال خيرية تجاه العراق فتترك همومها الداخلية الاقتصادية والسياسية والأمنية وتنشغل ببلد تلقى من الدعم الدولي ما لم تتلقه الكرة الأرضية في خلال قرن كامل، في حين انَّ النتيجة لم تكن أكثر مما شهدناه في العقدين الأخيرين من أوضاع تعيسة.
لا استقرار ولا أمن في العراق ما لم يستعد عافيته بأيدي أبنائه، وما لم يكن الهدف الوطني الجامع للمكونات هو الأساس، ولا تعلو أية مصلحة خاصة على المصالح العليا للبلاد.
هناك موجة مفاهيم غريبة ومعوجة جرى ضخّها بعناية من أجل أجندات تورّطت النُخب السياسية الضالة في تكريسها والسير في ركابها سنوات طويلة، ربما كانت الجملة المستوردة القائلة بالدعم الدولي لأمن واستقرار العراق أبرز تلك المفاهيم.
لماذا فشلت الطواقم السياسية الحاكمة في انتاج جملة محلية التكوين والأداء والإمكانات تعارض تلك الجملة المستوردة، وتقول انَّ الاستقرار شأن عراقي يتم تصنيعه في داخل البلد وبأيدي جميع تكوينات شعبه عند الارتباط بهدف وطني وليس هدفاً انقسامياً وتشرذمياً بحجج تافهة.
العراقيون من حقهم أن يعرفوا، ما هو الدعم الدولي والإقليمي الذي لا يستطيعون أن ينتجوا مثيله بأنفسهم من خلال أرضهم الغنية وثرواتهم النفطية والطبيعية وطاقاتهم البشرية وموقعه الجغرافي الاستراتيجي؟
هناك إرادة غائبة للالتفاف حول الهدف الوطني الواحد، الذي هو الولاء الواحد غير المتعدد، وتلك مشكلة لا يمكن حلّها حتى لو بلغوا في تسلسل مؤتمرات «بغداد» النسخة الخمسين