الكاتب جواد التونسي

 

 

تحركت المغرب من رأس هرمها الى اقدمها وحركّت ضمير العالم لإنقاذ الطفل ” ريان ” من قعر البئر الى الارض , وفي العراق شعب في قعر جهنم يكتوي يوميا بنار الازمات المتناسخة وراس الدولة في غيبوبة , كم عندنا من ريان انتحر , وكم من ريان مات برداً من الصقيع والثلج , وكم ريان تهاوت خيمته عليه وزهقت روحه , وكم من ريان أصبح جاثماً على اكوام القمامة , وكم عندنا مثل ريان اغتصب وقتل في هياكل …وكم وكم …الخ, رحم الله ريان والهم اهله الصبر والسلوان, وقد مات حبيب الله ولكنه احيا فينا انسانيتنا ومشاعر الحب والتضامن, وكان الله في عون كل طفل وانسان محتاج في “العراق ” وفي كل مكان على وجه الارض , نام ” ريان ” وايقظ الضمير الغائب للامة العربية على شيء كنا نعتقد انه مات في ” الجسد العربي ” , حيث اذا اشتكى عضواً منه تداعى له جميع الاعضاء بالسهر والحمى, كل الحب والتقدير للتضامن العراقي الشعبي الذي تابع أحداث ” ريان” , وهذا هو معدنه الاصيل فان دل على شيء فإنما يدل على مشاعره الانسانية النبيلة وتضامنه الحي مع محنة ونهاية الطفل المغربي “ريان “, هذا الشعب الذي “خربته ” تلك الاحزاب الطائفية الفاسدة , نتمنى أن ينهض مثل طائر ” العنقاء ” من تحت رماد التنور الملتهب , وان يوّحد بلدنا الحضاري العريق , وفعلاً لقد ظهر المغرب دولة قوية , عندما ازاح جبالا من اجل استخراج “ريان” وطوبى له , وقد تبين انه شعب عظيم ودولة عظيمة ومؤسسات متماسكة بكل فروعها , وهذا يجعلنا كـ “عراقيين ” ان نفتخر بانتمائنا لهذا الوطن العظيم , الذي يضم مملكة المغرب العريقة عبر التاريخ التي أسست اول جامعة للمخترعين المغاربة على ارضها المعطاء, وهو يتقدم في شتى المجالات, ولابد للشعب العراقي الاصيل ان يصحوا من كبوته , ولا زلنا نظن بأن قلوبنا بالوطن العربي لا زالت تنبض, حادثة الطفل ريان أظهرت معدننا “العراقي ” الاصيل على الأقل كشعب متحضر, ويقتضي الامر علينا كـ ” افراد ومجتمع” أن نبادر ونساهم ولو بالقليل في أوقات الشدة لخلق نوع من التلاحم والانتماء ولبعث الثقة والأمان لبقية مكونات المجتمع , ولعل أخطر ما في الامر أن تدير ظهرك لمجتمعك وأن يصبح ولاءك لغير أهلك ووطنك , وقد نختلف ونعارض على من يحكمنا , لكن لحمة العراقيين بكل طوائفه وفئاته يجب أن تبقى على قلب رجل واحد , رحم الله “ريان ” وكان الله في عون بقية كل طفل على خريطة عالمنا العربي يعيش ظروف قاهرة ومآسي وندعو الله لكل من كان سببا أن يرينا فيهم عجائبه في الدنيا قبل الآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *