هل يجب أن يكون الإثراء في العراق على حساب الفقراء. عرفت الأمم المتحدة العدالة الاجتماعية بأنها التوزيع العادل والرحيم لثمار النمو الاقتصادي .

العبرة في التطبيق حيث استمع قاضي المحكمة لشهادة صبي سرق الخبز لإطعام أمه المريضة من محل البقالة بعد ان فصلوه من عمله بسبب انشغاله برعايتها. وبعد ان تأكد القاضي من صحة رواية الصبي قال جميعنا هنا مسؤولون عن جريمة السرقة هذه وبضمننا صاحب المحل الذي اشتكى على هذا الصبي واحاله للمحكمة. هنا قرر القاضي تغريم الحضور بغرامة رمزية بمن فيهم شخصه وعلى صاحب المحل الذي سلَّم الصبي إِلى الشرطة وهو يعلم أنه يعاني الجوع بغرامة أكبر وإذا لـم تدفع الغرامة يبقى المحل مغلقاً.

بعد أن سمع الحضور قرار الحكم كانت أعينهم تفيض بالدموع تعاطفا” مع الصبي وأمه المريضة.

أضاف القاضي: ( إذا تمَّ القبض على شخص ما يسرق الخبز فيجب أن يخجل جميع السكان والمجتمع في هذه الدولة).

اما نحن في عراقنا الطيب فعلينا ان نقول:

إذا سرق مسؤول قوت الناس ولقمة عيش الفقراء فيجب ان يخجل جميع السكان والمجتمع في هذه الدولة لأن الجميع يسكت عن الفساد والسرقة وبالنتيجة لأنها تصل لرغيف الخبز ودواء المريض وكل مفاصل الحياة.

اليس فرض الرشوة في معظم التعاملات اليومية والعمولات واستغلال المنصب سرقة.

استغلال موقع

اليس استغلال الموقع و أستباحةالمال العام وتهريب النفط وتهريب الأموال سرقة. المشاريع الوهمية والغش في الغذاء والدواء وفي تنفيذ بناء المدارس والمستشفيات أليست جريمة سرقة.

ماذا نسمي الاستحواذ على الملايين من الأموال المخصصة للعوائل المهجرة ومشاريع إعادة الإعمار.

هل يمكن أن نسمي تشريع قوانين استثنائية لفئات والمبالغة في تعدد الرواتب الحكومية الوهمية والامتيازات والرواتب التقاعدية الى أشخاص دون وجه حق مقارنة بأقرانهم بتشريع السرقة.

ماذا نسمي السماسرة والمنتفعين من عقود الدولة وتعاملاتها ومثلها تصاريح عمل البنوك في مزاد العملة ومافيات استيراد المواد الغذائية والعقود الحكومية والأمنية بغير انها جريمة سرقة . كيف نبرر تشويه الاعراف والقيم العشائرية الى ادوات استغلال وتهديد للناس من خلال الفصل والدكة العشائرية .

كيف تجرأ وزراء وبرلمانيين ورجال أحزاب ومليشيات في الاستيلاء على عقارات الدولة أو المشاركة في ما تم تسميته بسرقة القرن للأمانات في وزارة المالية ودائرة الضرائب وتسويتها المعيبة وقبلها سرقة الملايين من رواتب المتقاعدين لولا السكوت الجماعي للمجتمع.

سرقات العلن

الغريب في هذه الجرائم بأنها سرقات بالمليارات في العلن وليس لها مثيل في كل دول العالم وبدون خجل يتعاون بتنفيذها مجاميع من المتنفذين بدرجات متفاوتة وبدعم من جهات متسلطة على رقاب الناس وبعلم الجميع حتى رأس الهرم.

بينما تعلن وزارة التخطيط بأستمرار أن العراق يعيش أزمة مركبة تبدأ بتدهور التعليم وتفشي المخدرات بين الشباب ولا تنتهي القائمة وأن مؤشرات مستوى الفقر تراوح حول 30% بسبب البطالة أو اختلاف مستويات الدخل . إنه من المحزن أن يكون في بلد الثروات صورتان متناقضتان وهما صورتا البؤس والثراء بينما علامات الشبهة بالفساد والاثراء باستغلال الموقع لازالت تحوم على الكثيرين ممن تقلدوا أمانة المسؤولية ومن ازدهرت أحوالهم يوم جاع إخوانهم في أوطانهم.

كل الحكومات ورؤساء الوزارات المتعاقبين مسؤولين لكن لا يكفي ان نطالب بمسؤول نزيه فإننا في حاجة الى شعب يتكلم ونزيه. لا يوجد بلد غني وبلد فقير بل توجد إدارة جيدة وإدارة فاشلة وعلينا ان نتعلم من تجارب الشعوب في إيصال أهل الخبرة والنزاهة في عراقنا الحبيب الزاخر بالطاقات لقيادة البلاد كما سبقتنا تجارب كبيرة كالتي نجحت في ماليزيا وسنغافورة وجنوب أفريقيا و راوندا إلى البرازيل التي عاد رئيسها لقيادة البلاد وأحدث فيها معجزة اقتصادية قبل سنوات.

وليس لنا الا نعيد قول أمير الحكماء:

(حين يسكت أهل الحق عن الباطل يتوهم أهل الباطل أنهم على حق) .

حفظ الله العراق وأهله الطيبين..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *