كلما اسمع سورة الكهف او اقرؤها، استعيد في ذهني تلك الافتتاحية المهمة التي كتبها الاستاذ ابو الطيب في انجاز المرحلة الاولى من اعادة الاعمار في نيسان 1991 عندما استعار قوله تعالى على لسان الاسكندر: (آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا). ولاول مرة في افتتاحيات الصحف الحكومية في العراق ان يتم اختيار عنوان قرآني اذا جاز التعبير، فقد كان عنوان الافتتاحية زبر الحديد.عذراً ان اتيت على استذكار ايام الحرب على العراق عام 1991 من نهايتها، لكن الحرب وأيامها الملئ بالاحداث العجاف، فهي المرة الاولى ان تحوم فيها طائرات مقاتلة تقصف الأخضر واليابس. هذه الايام والعمل تحت ضغط القصف، اعتقد هي من جعلت ابو الطيب (مناوراً) لايُمكن مجاراته وهو يدير مجموعة الشرقية. ذاكرة الحرب كان مساء الخامس عشر من كانون الثاني 1991 مساءا فريدا فقد انتهت المهلة التي حددتها الامم المتحدة للعراق…والامين العام للأمم المتحدة يجري مباحثات الفرصة الاخيرة في بغداد..الطابق الثالث في بناية جريدة الجمهورية ليلتها كأنه في ساعة الظهيرة .. المحررون في الدولية والمقابلات، الانصات، والتيكر في حركة دائبة. الجميع مستنفريتحرك .. حتى الراحل الكبير فرات الجواهري الذي لايظهر ليلا كان موجودا.. زهير العامري وحسن كامل ورافد حداد والمعلم نصير النهر مشغولون بملاحقة الأخبار لانجاز الصفحة الاولى..وأبو الطيب هو الاخر ينتقل بين الطابقين الثاني حيث مكتب رئيس التحرير والطابق الثالث حيث مكاتب التحرير والطابق الاول حيث القسم الفني .

وجه ضاحك

.في هذا اليوم الحرج الذي لانعرف ماذا يخبأه لنا الغد لاتفارق ذهني حادثتين طريفتين : الاولى وقعت صباحا عندما كان الراحل د. لوءي البلداوي، يسخر من الحرب بطريقة النكتة اذ كان يقول (باجر يسوونه فاتحة بالأردن)، كناية عن هول ما سنلاقيه من الحرب.. لوءي طبعا كان يردد جملته هذه بوجه ضاحك يدفعنا جميعا للضحك.اما الحادثة الثانية فقد وقعت عصرا فقد اسرني حسن كامل بان واحدة من علامات الظهور الصغرى قد تحققت.. كان الامر قد فاتني في غمرة العمل والترقب.. سألته: كيف. قال: الرايات الثلاث المكتوبة في المشرق.. وكان يشير الى قرار صدام بإضافة عبارة الله اكبر الى العلم العراقي.وبين هاتين الحادثتين تبقى المحادثة التي جرت في غرفة الترجمة بالطابق الرابع صباح يوم 14كانون الثاني 1991، بين بنات الترجمة وواحدة من عاملات الخدمة في الجمهورية.. قنبلة المواسم في الجمهورية لا يعرفها الا قلة قليلة منا نحن أهل الجمهورية، لكنها ايضا كشفت لي عن روح الرائعة نازك الاعرجي المرحة برغم الجدية الدائمة التي ترتسم على وجهها.. طبعا لن أرويها لكم.. فجر 17 كانون الثاني 1991 ابتدأت الحرب.. اهتزت الارض تحت اقدامنا.. وبدا كأن السقوف ستقسط فوق رؤسنا… مع هذا لم يكن امامي سوى الذهاب الى مقر الجريدة في الباب المعظم.. حين وصلت كان هناك العديد من الزملاء . كنا نحاول معرفة كيف سنتحرك بغض النظر عن موقعه.. بعد فترة وجيزة وصل ابو الطيب الى المبنى، وهبط الى السرداب ونزلنا جميعاً خلفه.. فقد كان السرداب مكان العمل. توزعت المهام وتحركنا كي ننجز واجباتنا، فقد كانت مؤسسات ودوائر الدولة جميعها في مواقع بديلة، فنحن في الجمهورية موقعين بديلين الاول في البصرة والاخر في الموصل الذي تولت الاشراف عليه السيدة مريم السناطي التي عادت الى مقر الجريدة بعد اسبوعين.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *