الجانب العسكري الذي ظهر للعلن من توجه الاتفاقيات والاجتماعات العراقية في باريس بعد اجتماع ماكرون والسوداني، يوحي بوجود أسئلة مقلقة لدى العراق في مجال تسليح جيشه لم تلب اجاباتها اتفاقية او شراكة استراتيجية مع أية دولة في العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة صاحبة الاتفاق الاستراتيجي الشهير مع العراق.
لا يزال البلد حائراً كيف يحمي أجواءه المنتهكة وهو بحاجة الى مقاتلات رافال المتفوقة مع رادارات فرنسية تضمن حماية السيادة.
تلك الاسئلة هي هواجس لا تنسجم في بعض وجوهها مع المصير المرتبط بالاتفاق مع واشنطن على « الحلوة والمُرّة» ، وهو الاتفاق الذي لم يرَ النور في معظم جوانبه، كما انَّ التطلع الى خيار تنويع مصادر السلاح مثلاً ، لا ينسجم مع طبيعة المرحلة العراقية عقب عقدين من التغيير الذي انتابته اضطرابات هائلة وتخبط حكومي وسياسي سدَّ آفاق أي تفكير استراتيجي.
ربّما لا تثير فرنسا الى حد ما “ حساسيات” لدى الامريكان، ذلك انها جزء من التحالف الدولي الذي دخل حيز العمل والتنفيذ في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي من العراق في اعقاب احتلال تنظيم داعش لثلث مساحة البلد، لكن هناك مسافات معينة سينبغي لبغداد مراعاتها دائما عند التوجه لتحالفات استراتيجية مع فرنسا او سواها، في ظل وجود الاتفاق الكبير السابق مع واشنطن.
وفي الوقت ذاته يجب ان نكون على دراية بالجوانب التي لا ترغب أولا تستطيع الاتفاقية الامريكية تلبيتها بما يفسح المجال لإطلاق الرغبة العراقية في البحث عن مكملات في التحالفات الدولية، التي تصب في المحصلة في دفتر الاستثمارات والعقود المليارية، وليست المسألة سياقات لفظية فحسب.
فرص فرنسا في العراق كبيرة إذ هناك رضا بنسبة عالية على التعامل والاقتراب من فرنسا لدى القوى الموالية لإيران والتي تسود في المشهد السياسي العراقي، لكن لا يمكن ان تنتهي المسألة عند هذا الحد، هناك استحقاقات دقيقة في إعادة بناء البلد من خلال مفهوم مصطلح « التعاون الاستراتيجي» الذي تتوافر عليه الاتفاقيات المبرمة مع باريس أو مع واشنطن قبلها.
الاهم من ذلك كله، هو كيف يفهم العراق الأمور الاستراتيجية؟ وكيف يصنف أولوياتها؟ وكيف يربطها بالثوابت التي تخص السيادة والاستقرار والثروات والعلاقات الدولية؟