مع كل حكومة عراقية تصل الى الحكم منذ خمس دورات في الأقل، كان يتردد اسم شركة سيمنس الألمانية بوصفها الجهة المنقذة التي يتفاوض معها العراق لتخليصه من مشكلة نقص توليد الطاقة الكهربائية، تلك المشكلة التي أنهكت العراقيين. من حق المواطن العراقي، وقد عاد الوفد العراقي لتوّه من برلين ان يتساءل عن “الجديد” أو “ الحقيقي” في الاتفاق مع الالمان هذه المرّة. وأول ما يريد المواطن معرفته هو؛ هل كانت هناك اتفاقات سابقة مع سيمنس الألمانية أصلاً، سمع عنها في وسائل الإعلام من رؤساء الحكومات السابقين أم انهم كانوا مجرد كاذبين؟
في الحقيقة، انَّ المواطنين لا يريدون معرفة التفاصيل برغم حاجتهم أحياناً الى تقصي حقائق لا وجود لها في البلد الذي يختلط الحابل فيه بالنابل، لكنّهم ينتظرون نتائج عملية نافعة من الزيارة عالية المستوى الى المانيا.
مجلس النوب سيكون أمام مهمة لابدّ أن يضطلع بها هذه المرة، وليس كما في المرات السابقة، حين تتعاقد الحكومات الماضية أو تقول أنها اتفقت مع الدول على مشاريع، لا ترى النور، ولا أحد بعد ذهاب الحكومة ومجيء أخرى يسأل عن مصير ما قيل عن اتفاقات لا أحد يعلم إنْ كانت على الورق أم مجرد تصريحات وتمنيات شفاهية.
لم يبقَ أمامنا الكثير من الوقت، لكي نعتبر انَّ ورود مفردة “سيمنس” على لسان أي مسؤول حكومي بمثابة نكتة أو كناية عن موقف عقيم في الحياة أو حالة لا علاج لها أو وهم من أوهام الكوكب العجيب. ربّما أصبح تعبير «في المشمش» قديماً، ولا بدّ من بديل، يؤدي نفس الغرض ويزيد عليه حرارة القساوة.
نحن الان على أعتاب خاتمة عشرين سنة دخل فيها الى خزينة العراق من المليارات ما لم يدخلها في خلال ثمانين سنة سبقتها وابتدأت مع تأسيس الدولة العراقية الحديثة في مطلع عشرينات القرن الماضي. وبرغم ذلك لا نزال نقف عند مشكلة بنيوية واحدة في جسم الدولة، نراوح عندها مثيرين الغبار ليس أكثر، لا مصارحة حقيقية بشأنها، بالرغم من انَّ القاصي والداني يعلم انَّ الذي أصاب قطاع الكهرباء في عشرين عاماً كان يستحق عن جدارة مصطلح المؤامرة المستمرة التي لا تبدو لها نهاية.
يا ترى هل ستتحقق المعجزة الكهربائية للبلد على يد سيمنس هذه المرة، أم ستدخل مفردة «سيمنس» قاموس النكتة العراقية الأبدي؟