شخصيته:

ـ عقلية مستقلة منذ طفولته.. ذكي.. متفوق في دراسته.. رفيع الاخلاق كأسرته.. كان ادارياً وقانونيا ناجحاً اثناء مسؤولياته.. نزيهاً حتى الثمالة.

ـ تأثر بفكر أسرته العربية الاسلامية.. خاصة بأخية الاكبر (فاضل).. فنشأ قوميا ثوريا.. وهكذا ترك حزب الاستقلال القومي.. الى البعث العربي.. كونه حزب عربي وثوري واشتراكي (آنذاك).. فكان ثاني عراقي ينتمي لحزب البعث بعد فؤاد الركابي.

ـ فالتنشئة الاجتماعية تلعب دورا في مستقبل الإنسان.. فربما يحمل الإنسان أفكار والده أو شقيقه الأكبر أو محيط أسرته.. وهو ما يؤكده عالم الاجتماع (ماكيفر) ان للأسرة دوراً مهماً في تعزيز أو إظهار هوية الإنسان.. فالرجل الذي يحمل الأفكار اليسارية من الممكن ان يورثها إلى أبنائه ويعطي امثلة على ذلك :”ان معظم أبناء الشخصيات الجمهورية أو الديمقراطية في الولايات المتحدة قد حملوا نفس أفكار ومبادئ اسرهم”.

ـ وهو ما نراه في شخصية (تحسين معله) الذي اظهر تأثره الكبير بشخصية شقيقه الأكبر.. حيث يقول: “كان فاضل من قادة حزب الاستقلال في العراق.. وكان بيتنا محج للثوريين.. الأمر الذي ترك أثراً كبيراً في توجهي المستقبلي”.

ـ زاد على ذلك إن معظم التظاهرات القومية التي كانت تنطلق في مدينة النجف كانت تحرك من قادة حزب الاستقلال الذي يمثله فاضل معله.

السيرة والتكوين:

ـ ولد تحسين عباس عبد الحسين هادي معله في محلة (المشراك) بمدينة النجف الاشرف العام 1931.. أكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها.. ثم انتقل إلى مدينة بغداد لإكمال دراسته في كلية الطب العام 1949.

ـ العام 1955 انهى دراسته الجامعية.. بعدها غادر إلى انكلترا حيث حصل على دبلوم الأمراض المتوطنة.

نشاطه السياسي:

ـ بدأ نشاطه السياسي العام 1946 عندما كان طالباً في الصف الثالث المتوسط.

ـ التطور الكبير في حياته السياسية بعد مغادرته إلى بغداد.. حيث التقى الأساتذة العرب المحاضرين بالمدارس العراقية.. وتأثر بهم وهو لا يخفي تأثيره ب (ابو القاسم كرو).. الطالب التونسي الذي كان يتلقى تعليمه في بغداد في دار المعلمين العالية.

ـ كانت تلك الفترة أدق المراحل التي عاشتها الحركة السياسية في العراق.. وشهدت تعاون المعارضة العراقية بمختلف كتلها واحزابها تحالفات سياسية بين تيارات فكرية متباينة مثلت اقصى اليمين إلى اقصى اليسار؟

ـ بيد ان هذه التيارات المتحالفة سياسية هي في اقصى درجات اختلافها الفكري.. وبالتالي تحول هذا الاختلاف الفكري إلى صراع سياسي لاحقا في العهد الجمهوري.. أوصل حزب البعث إلى السلطة العام 1963 بانقلاب دامي خلال هذه المرحلة.

ـ لم يكن معله في العراق عند قيام انقلاب 8 شباط 1963.. حيث كان معتقلاً العام 1962.. وأفرج عنه عبد الكريم قاسم وطلب منه مغادرة العراق!!

ـ وعند عودته لم يمارس اعمال التعذيب في اقبية تعذيب البعث.. ولا الاعتداء.. أو سجن الاخرين.

ـ بيد ان افكار قادة البعث وتوجهاتهم بدأت تتعارض بين اليسار واليمين فحدثت انشقاقات.. وبدأت التيارات اليمينية المتطرفة تسوق البلاد إلى الهاوية.

ـ يبدو ان تحسين معله فضلً الابتعاد عن هذه الأجواء العاصفة.. غير ان عجلة التغير وتلاحق الاحداث السياسية وتعاقبها السريع أطاحت بالبعث.

علاقته بأحمد حسن البكر:

ـ بدأ تحسين معله يفكر بالعودة إلى صفوف هذا الحزب.. حيث يقول في مذكراته :”كانت تربطني بأحمد حسن البكر علاقة ودية.. فقد تبادلت الزيارات بيننا.. وكان البكر يؤكد رغبته الكبيرة لعودتي إلى صفوف حزب البعث”.

انقلاب 17 ـ 30 تموز 1968:

ـ البعثيون لم يغفروا لأنفسهم فقدانهم السلطة في 18 تشرين الثاني / نوفمبر / 1963.. واخذوا يخططون للعودة إلى السلطة مستغلين مشاعر الإحباط والمرارة التي عمت العراقيين بعد هزيمة (حزيران/ 1967أمام العدو الاسرائيلي).

ويبدو انهم حققوا نجاحات في تحالفهم مع بعض الضباط الطموحين.. أمثال عبد الرزاق النايف مدير الاستخبارات العسكرية وصديقة ابراهيم الداوود قائد الحرس الجمهوري في عهد عبد الرحمن عارف.

ـ هكذا عاد حزب البعث إلى السلطة بانقلابين الأول في 17 تموز 1968 الذي أسموه: (الثورة البيضاء).. في محاولة اعطاء صورة مغايرة للدموية إلى رافقت انقلابهم في 8 شباط / العام 1963.

ـ يتحدث تحسين معله عن هذه المرحلة قائلا: “طالبنا بضرورة منح حرية التعبير للمواطنين.. وان يكون هناك عمل سياسي حر.. وان توحد جهود التيارات السياسية للعمل السياسي الحر.. بيد ان (قيادة حزب البعث).. رفضت طروحاته.

معله.. سفيراً:

بعد 30 تموز 1968 عين معله سفيراً للعراق في الجزائر.. لكن كما يقول معله: ظهرت بعض المشكلات نقلتُ على أثرها الى بغداد.. ربما بسبب غضب البكر عليَّ.. بعد أن صرفت زوج ابنته مظهر مطلك من العمل في السفارة بسبب تصرفاته غير المنضبطة.. وهكذا عاد لبغداد بعد ان اعفي في كانون الثاني 1970من منصبه بالجزائر.

معله.. عميداً لكلية الطب:

ـ في نيسان 1970 صدر امر تعيينه عميداً لكلية الطب في بغداد.. وهو الموقع الذي ينسجم مع مؤهلاتي ورغباتي كما يقول معله.. لكنه الموقع الذي وسع مشكلاتي مع البكر وصدام في آن.

– ويعتقد ان المشكلة الجديدة بعد تعييني عميداً لكلية الطب بدأت مع محمد ابن أحمد حسن البكر.. الذي كان طالباً متعباً وكسولاً ولا تؤهله امكاناته العلمية لأن يصبح طبيباً، الا انه ابن الرئيس.. وعليه فإن ارادة أبيه هو أن يكون طبيباً.

ـ كان محمد قد أقلق الكلية.. أساتذةً وموظفين وطلاباً.. فقد كان يحمل معه مسدساً.. وهو متهور بطبيعته وارتكب مشكلات.. لذلك قررت ان أفاتح صدام بأمره.. لأني لا أريد أن أتسبب بوضع غير مناسب للبكر في حينه.. اذ كان مريضاً وجالساً في البيت.

ـ طلبتُ هاتفياً من سكرتير صدام علي العبيدي لقاء به.. وسألني العبيدي عن طبيعة القضية التي أريد أن أفاتح صدام بها.

ـ قلتُ له: قضية عائلية.. وحين ذهبت الى اللقاء.. قال العبيدي ان صدام خرج لمهمة عاجلة.. وفوضني أن استمع منك عن تفاصيل هذه القضية.. أخبرته بأمر محمد من البداية وحتى النهاية.. وطلبتُ منه أن تحسم هذه القضية بشكل نهائي.. وفي اليوم التالي صدر أمر بنقل محمد الى كلية الإدارة في الجامعة المستنصرية.

علاقة معله بصدام حسين:

– يقول تحسين: كان لقائي الأول بصدام حسين التكريتي بعد يوم واحد من فشل محاولة اغتيال عبدالكريم قاسم في منطقة “راس القرية” التي حدثت في 7 تشرين الأول / أكتوبر / العام 1959.

ـ حيث ذهبت بناءً على طلب اياد سعيد ثابت.. القيادي في حزب البعث والمشارك في محاولة الاغتيال الى الوكر الحزبي المختفي فيه عناصر عملية الاغتيال لمعالجتهم.

ـ اللقاء الثاني.. التقيتُ صدام حسين كان أثناء عقد المؤتمر القطري في 13 أيلول / سبتمبر / 1963.. حيث شارك مندوباً عن مكتب الفلاحين القطري.

ـ لم يكن آنذاك برز على صعيد الوسط الحزبي.. لذلك لم يكن تأثيره كبيراً في أعمال المؤتمر.. وأذكر أنه جاءني ليثني على دوري ونقاشاتي في المؤتمر.

ـ اذ كانت الأزمة بين كتلتي علي صالح السعدي وحازم جواد مشتعلة.. وكنتُ ممن تحدثوا باتجاه تسوية المشكلة في صورة جذرية خدمة للحزب والعملية السياسية في البلاد.. وقد عبر لي صدام عن اتفاقه مع ما قلته حول المشكلة.. ثم تبادلنا أحاديث أخرى كثيرة.

ـ المرات الأخرى التي التقيتُ فيها صدام كانت بعد العام 1968 عندما كان نائباً للرئيس البكر.. وفي تلك الفترة خصوصاً حين أصبحت عميداً لكلية الطب.. بدأت الضغوط والمضايقات تتصاعد ضدي.. وأعتقد ان صدام كان وراءها.

ـ أثناء ذلك طلبت قيادة الحزب ان يكتب الكادر الحزبي تقارير تقييمية للحكم.. في البداية امتنعت.. لكن إلحاح الحزب أحرجني.. فكتبت تقريراً أشرت فيه الى ان التحزبات المناطقية والعشائرية والاقليمية.. هي التي تغلب على المصلحة الوطنية في الدولة.. بعدها توقفوا عن مطالبتي بالمزيد من التقارير.

– مشكلتان بيني وبين صدام حسين العام 1975.. هما المشكلتان اللتان قطعتا حبل المودة بيني وبينه.. وأدتا الى اثارة حال من الخصومة المباشرة التي كادت أن تقودني الى حتفي.

ـ المشكلة الأولى تتعلق بطبيب ناشئ جاء من الدنمارك اسمه ملحم العاني.

ـ كان هذا الطبيب حديث عهد بالمهنة لأنه تخرج في الكلية منذ فترة قصيرة.. وكان حاصلاً على دبلوم في الأمراض الزهرية.. المفروض أن يعين طبيباً في الكلية الطبية.. وربما على أقل تقدير يعين مدرساً.. وليس أستاذاً في كلية الطب.. لأن لقب أستاذ يعتبر قضية كبيرة بالنسبة الينا.

ـ أرسل صدام أوراق تعيينه في كلية الطب الى عمادة الكلية التي كنت عميدها.. وكتب على هذه الأوراق: يعين أستاذاً في كلية الطب. أنا رفضت ذلك.. ولا أريد ان أدخل في المزيد من التفاصيل.. لأن ذلك يحتاج الى عملية سرد طويلة، وتحايلت على اصرار تعيينه أستاذاً، فقررت تشكيل لجنة لتحديد مرتبته العلمية.. وبذلك أستطيع تجريد صدام من أي تأثير في هذه القضية.

ـ اتصل صدام بيَّ هاتفياً.. وقال لي: دكتور تحسين.. حينما يطلب رئيس الدولة أو نائب رئيس الدولة أن يعين ملحم العاني أستاذاً.. فيعني ان يعين أستاذاً.

ـ قلتُ له: نحن نحترم رئيس الدولة ونائب رئيس الدولة.. لكن لدينا قانون يقيدنا.. فإذا أراد رئيس الدولة أو نائب رئيس الدولة ان يعين أستاذاً.. فليُصدِر له قراراً من مجلس قيادة الثورة.. وبذلك يكتسب صفة القانون.. نحن لا نستطيع مخالفة القانون،. قال: وإذا اصدرنا قراراً لمجلس قيادة الثورة؟ قلتُ له: إذاً لن نقول لا.

ـ بعد أشهر وصلتنا زمالة للتدريب على الأمراض الجلدية في بريطانيا.. فرشحته بعدما وقع على عبارة “ارغب بذلك”.. وهكذا غادر الى الخارج وانتهت المشكلة.

ـ المشكلة الثانية:

ـ هي القشة التي قصمت ظهر البعير وتخص طالباً آخر هو بهمن بختيار (ابن مدير استخبارات شاه ايران).. الذي هرب الى العراق.. وأخذ يعمل ضد الشاه بحماية صدام لكنه قتل في ظروف غامضة من جانب أحد الذين خرجوا معه الى الصيد.

ـ بهمن كان يدرس في كلية الطب.. وكانت له علاقة مع ابنة أحد المسؤولين السوريين التي كانت تدرس معه في الكلية.. وكان وسيماً،.. لكنه مراهق الطبع وغير مكترث بأحد.. وقد التزمه صدام بسبب علاقة ربطته بوالدته.

ـ تصرف بهمن معي في احدى المرات تصرفاً أرعن.. وانتظرني في الباب حاملاً مسدسه.. لكن أحد الموظفين هجمً عليه وأخذ منه المسدس.. بسبب هذا التصرف فصلته من الكلية.

ـ حاول صدام اعادته.. لكني أصريت على موقفي.. فاتصل بي سعدون شاكر مدير الاستخبارات العامة وحاول اقناعي بإعادته الى الدراسة فرفضت.

ـ هذه القضية أدت الى اثارة الضغوط ضدي.. مما دفعني الى تقديم الاستقالة.. لكن قرار مجلس قيادة الثورة استبدل الاستقالة بإحالتي على التقاعد.. وعينوا بدلاً مني شخصاً موقتاً أصدر قراراً بنقل بهمن بختيار الى كلية طب الموصل.

ـ بعد هذه الحادثة ثبت لي أن وراء حملة الضغوط والتهديد بنقلي من منصبي كان يقف صدام حسين.. واعتبرت ان قرار احالتي على التقاعد كان في واقع الحال محاولة لتسوية الأزمة.. ربما قد حفظت حياتي الى حد ما.

معله في الكويت:

– العام 1976 خرجتُ سراً من العراق الى الكويت.. فقد وصلتني العديد من التهديدات والتحذيرات.. وأخبرني أحد أصدقائي المتنفذين بأني في خطر.. وان صدام بدأ حملة اغتيالات وتصفيات في صفوف قياديي حزب البعث.. لأنه يشعر بتعصب تاريخي أمام العناصر القديمة في الحزب.. وخصوصاً العناصر التي لم تعره اهتماماً في السابق.

ـ من بين الذين حذروني كان أحد أبناء مدينتي النجف الذي عمل في المكتب الاستشاري لصدام حسين.. وكان هذا الصديق من عائلة المرزة.. وقد أرسل لي خبراً يقول: ان صدام حسين طلب اضبارتي الشخصية.. وهذا يعني بالنسبة الى من يعرف صدام حسين انه حين يطلب اضبارة شخص ما.. فإن قرار الموت قد اتخذ بحقه.

ـ وفي الكويت بدأت أتصل بالمعارضة العراقية.. وسافرتُ الى دمشق.. والتقيتُ الرئيس حافظ الأسد.. واتفقنا على العمل المشترك.. لكن الأمور لم تمضِ كما أردت لها.

محاولات اغتياله:

1ـ تعرضت معله في الكويت الى محاولة اغتيال.. ففي يوم 20 / 6 / 1977 وضعت قنبلة تحت سيارته.. الامر الذي دفعه للمغادرة إلى لندن حيث كان وصوله في ايلول 1977.. وخلال تلك المرحلة بدأ عمله كمعارض للحكومة.

2ـ في ايلول العام 1978 تعرضت زوجة معله إلى طعنات سكاكين.. وهي المحاولة الثانية التي كانت في الأساس تستهدفه.. فقد ورد عن زوجته ان شخصين سألا عن الدكتور تحسين؟؟ وبعد ان إجابتهم بعدم معرفتها بمكان تواجده تعرضت إلى طعنات.. ولم تشعر إلا وهي راقدة في المستشفى.

ـ في تلك الاجواء العاصفة وجد معله ان حياته معرضة للخطر.. وعليه ان يأخذ حذره وبالتالي فهو مهدد كغيره من المعارضين.

ـ وفي لندن سجلت طالباً لدراسة الدكتوراه في جامعة لندن.. لكي أحصل على الاقامة.. وفي ايلول 1980 اكتمل نصاب عائلتي.

المعارضة العراقية لنظام البعث:

ـ بدأت المعارضة تبرز رغم دموية نظام الحكم.. وبدأ الخلاف يتوضح بين صدام حسين (نائب البكر) وبعض القادة البعثيين الذين كان منهم تحسين معله.. وبالتأكيد لا يمكن ان تظهر المعارضة في داخل العراق.. بل ظهرت وبرزت في الخارج.

ـ وصف الدكتور اياد علاوي بداية المعارضة بالقول: “كانت هناك اتصالات تجري بين العراقيين المهتمين بالشأن السياسي تتناول مستقبل العراق والأسس العلمية الصحيحة في التصدي للحكم الدكتاتوري” ويضيف علاوي: “كنتُ على اتصال مباشر مع الدكتور تحسين معله.. نتداول أهم الأسس في بناء جبهة للوقوف بوجه النظام الدكتاتوري على ان قواعد العلاقة والاتفاق بيننا في وجهات النظر قديمة سبقت ذهابي إلى لندن قبل العام 1978” والحديث لعلاوي.

ـ لم ترتق تلك الاتصالات إلى تشكيل جبهة أو حزب معارض لصدام في تلك المرحلة اذا ما استثنينا الأحزاب الإسلامية.

حركة الوفاق الوطني:

ـ بعد احتلال صدام للكويت في ٢ آب / اغسطس 1990 اصبحت الامور ملحة لإعلان تكتل سياسي معارض.. والتقينا انا واياد علاوي بصلاح عمر العلي وبدأنا مرحلة من التعاون.. وارتأينا أن ندخل السعودية في هذه اللعبة كدولة عربية لها حدود مشتركة مع العراق .. حيث كان. للسعودية توجه واضح ضد صدام.
ـ وهناك أسست مع أياد علاوي وصلاح عمر العلي (حركة الوفاق الوطني)*.. وأقمنا علاقات مع الداخل.. واتصلنا بضباط في الجيش العراقي ومدنيين من قطاعات مختلفة.. لكن حركة الوفاق تعرضت الى انشقاق قام به صلاح عمر العلي واسماعيل القادري.. فاعتبرناهما مستقيلين.

ـ استمر تحسين معله معارضاً حتى العام 1991.. بعد ان أدرك الغرب ان نظام صدام الذي صنعه يمثل حالة متخلفة في النظام السياسي الدولي لدولة مثل العراق.. وبالتالي بدأ يوجه دعمه للمعارضة.

ـ أخذ المعارضون يتنقلون بين دول العالم.. بل ان بعض الدول كالسعودية وسورية ومصر وحتى الأردن بدأت تقدم دعمها للمعارضين الذين اخذوا يعقدون المؤتمرات والندوات.. ومنها: مؤتمر بيروت ولندن ثم مؤتمر (صلاح الدين) في تشرين الاول / اكتوبر/ العام 1992.. الذي تحدث فيه تحسين معله مخاطباً المعارضين والأحزاب المشتركة فيه: “كفاكم مضيعه للوقت.. نحن بحاجة إلى العمل.. فالخطب والمواعظ لا تنفع.. الذي ينفع التخطيط والجدية والعمل والتطبيق”.

الملك حسين يدعم حركة الوفاق:

ـ العام 1996 انفتح المجال أمام تنظيم الوفاق فرصة كبيرة لتوسيع نشاطه.. حيث التقينا بالملك حسين في منطقة (اسكورت).

ـ بدأ الحديث الملك حسين.. وقال: يا أخوان.. قضية العراق لم تعد تحتمل السكوت.. ويجب العمل على تغيير نظام صدام حسين.. ويشهد الله ان لا مطمع ولا مطمح لي.. وانما يجب انقاذ الشعب العراقي من الحالة التي هو فيها.. وأضاف الملك حسين: اذا تطلب الامر أن أركب دبابة متوجه الى بغداد.. فسوف أفعل.

ـ كما أوضحنا للملك حسين بأن حركة الوفاق لديها جماعة في الداخل.. ونحن نعمل بهذا الاتجاه ونحتاج الى الدعم.. فقال تفضلوا في الاردن.

ـ كان حاضراً هذا اللقاء اياد علاوي.. وصلاح الشيخلي وتوفيق الياسري وأنا تحسين معله.

ـ وهكذا كما يقول تحسين معله.. انتقلنا الى الاردن.. وفتحتنا مكتب الحركة الوفاق في عمان.. وكنتُ اذهب الى عمان كل عشرين يوما.

ـ ويضيف تحسين: “لاحظت تدخلات غير مبررة للمخابرات الاردنية في شؤوننا الداخلية.. اضافة الى المضايقات التي تعرضنا لها.. وقد حاولت المخابرات السيطرة على عملنا.. فقلت لهم: لا يمكن ذلك لأنني لا اشتغل لصالح المخابرات.. وانما لهدف يتعلق بشعبي في العراق.. ولما شعرتُ بأن جهاز المخابرات لا يريد أن يتركنا نعمل بحدود المعقول.. لذلك قررتُ العودة الى لندن والاكتفاء بمتابعة العمل في مكان عملي اقامتي.

مؤتمر نيويورك للمعارضة العراقية:

ـ عقد المؤتمر في 30 تشرين الاول / أكتوبر/ 1999.. يقول معله انتهى المؤتمر.. وشعرتُ بالاسى وخيبة الامل الشديدة لكل الامور.. فقد اتفقنا على قائمة اسماء لمجلس المؤتمر.. وحين انتهى.. وعاد الجميع الى اماكن اقامتهم.. قام احمد الجلبي بتغيير بعض الاسماء.. ان مثل هذه الاعمال غير صحيحة ولا تخدم العملية السياسية.

أمريكا تدعم المعارضة:

ـ امريكا كانت تبحث عن اية وسية لإسقاط نظام صدام.. وجاء الامريكان الى المعارضة العراقية.. وطلبوا منها توحيد صفوفها والتحرك بكيان واحد.. ومنحت هذه المعارضة فرصة كبيرة في هذا الاتجاه.. فالأمريكان يريدون التخلص من صدام.. ونحن لا نقوى على مسايرة هذا الموقف.. وكنتُ قد تناولت هذا الموضوع بشكل تفصيلي في ندوة عقدتها حركة الوفاق في احدى القاعات في منطقة (وميلدون) وقلت في هذه الندوة: انها الفرصة الاخيرة التي تتاح لنا لإسقاط صدام.. بعد ان صممت الولايات المتحدة دخول العملية.. وعلينا تأييد هذا القرار والتعاون مع الولايات المحتدة الامريكية.. لكن هناك فرق بين ان نتعاون أو نسكت.. والذي جرى مع الاسف الشديد هو الصمت.

معله.. بعد 2003:

ـ عاد معله إلى بغداد بعد نيسان 2003 بعد غياب دام ثمان وعشرون سنة .. واعتذر معله عن قبول اي منصب بعد 2003.. وأعيد له داره الوحيدة في بغداد التي صادرها صدام.

ـ بيد ان المرض دفعه للعودة إلى لندن للعلاج.. وقد تحدث ولده احمد ان والده كان في لندن يتحدث عن أوضاع العراق والانتخابات.. كان العراق هاجسه بعد ان غاب عنه (28) سنة ثم عاد الى غربته.

وفاته:

في تحسين معله العام 2000 أصيب معله بجلطة قلبية نجا منها.. لكنها أدت الى اصابته بالشلل.. الى ان توفى في 15 كانون الثاني/ يناير 2005.. ودفن في لندن.

————-

_________________

* حركة الوفاق الوطني العراقي هي أحد الأحزاب السياسية الليبرالية في العراق التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي الأسبق الدكتور إياد علاوي.

– تشكلت أثناء حرب الخليج الثانية العام 1991 كحزب يعارض حكومة الرئيس العراقي صدام حسين.

ـ أصدرت هذه الحركة صحيفة دورية باسم “الوفاق” واتخذت من لندن مقراً لها.

ـ منذ بداية تأسيسها برزت على السطح الخلافات الموروثة بين قيادتها التي هي في الاصل خلافات شخصية بين قياديين بعثيين سابقين.. وفي الاجتماع الذي عقد في الثاني عشر من شباط العام 1992 تقرر فصل إياد علاوي من الوفاق وانهاء صلته بهذا التنظيم بسبب التجاوزات والمخالفات التي عددها قرار الفصل.

ـ أما اياد علاوي ورفاقه فقد اعتبروا هذا القرار تصرفاً فردياً.. وفي نفس العام شكلوا تجمعاً جديداً باسم “الوفاق الوطني العراقي”.. وأكد الوفاق الجديد على ايمانه بالديمقراطية والتعددية.. ومن اعضائه البارزين الدكتور تحسين معلة والدكتور صلاح الشيخلي.. ومعظم الأعضاء الرئيسيين والمؤسسين للحزب هم ممن تخلوا عن الجيش العراقي أو دوائر الأمن أو المخابرات العراقية ابان حكم صدام.. وممن هربوا من العراق أبان حكمه وطلبوا اللجوء السياسي خارج العراق.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *