نظرت الى المرآة لامسح عن عينيَّ دمعها الأسود,فوجدت نظراتي موجعة وعينيَّ منتفختين..قربت كفيَّ من الماء وأخذت مقداراً يكفي لغسل كحل العين,لكنه لن يكفي لغسل وجعها… وحيدةٌ انا في سجون مقفرة,سجون تحتضن الجمال ببشاعةّ!! سجون كثيرة..اولها سجن الدار الذي يغطس تحت قاع التجمد,وثانيها سجن الروح الذي كاد يخنقني حدّ التلاشي!! منزلٌ في قمة الجمال، ديكورٌ اوربي رائع ببساطته..مملٌ ببروده..انه منزل تحت الصفر المئوي..كل شيء فيه بدرجة الانجماد..قهوة الصباح,ماء الوضوء,خطوة القدم وضوء المصباح !!!
الساعات تخطو خطى السلحفاة,والالم يركض بسرعة الارنب ,كل يوم مثل اخيه..لاجديد ,لا كلام ولانظرات ولا حتى صرخات او اعتراضات او مصادمات او مشاجرات تشعرني بوجود تلك الحبال الصوتية, وتؤكد لي انه يملك حنجرة ولسان واعصاب يمكنها ان تُكوّن جملة مفيدة لحوار…او شجار..!! لاشيء هنا يجمع ارواحنا,لاهو يعشق مرارة القهوة ولا انا استلذ بصحن الخضار المطبوخ على البخار!! كنت اتمنى ان يكون كلامه صحياً مثل طعامه..ساكون سعيدة جداً بكلمات خاليةمن الكوليسترول المؤذي للقلب ,مليئة بالفيتامينات العشقية وبروتين الحب ، اكثر من سعادتي بطبق اللحم المشوي مع الرز البني!! للأسف..كلماته كانت سامة، وطعامه كان صحيّاً..وانا انسان يهوى الكلام ..انسان لي قلب هو من يسيطر على مشاعري لا المعدة.. ان كان اقصر طريق لقلب آدم معدته،فللاسف معدة حواء لا تحوي على طرق تؤدي الى قلبها!! لذلك حزمت امتعتي, و لملمت ما تبقى لي من كرامتي وكبريائي وقررت…قررت الرحيل! نعم الرحيل…سأرحل الى بلاد الشمس..حيث لا وجود للبرد ,بلاد يحتضنها الدفء مثل ام حنون,بلاد ليس فيها الا الحب…الحب فقط… تنازلت عن حقي في حقي منه,كي احيا حياة لي حق على نفسي فيها ..قد يكون الكلام مجنون وغبي,لكنه حقيقي..انه كبرياء الانثى حين يصرخ فتتحول كل حناجر الكون الى صوت واحد يصل الى نقطة ابعد من القمر, لانه صوت الحق..حق القوارير بالرفق..سأرحل فالرحيل سيكتب النهاية لتلك البداية ,وبداية جديدة لهذه النهاية !!!