من كل زاوية، وفي كل زاوية، كانت البصرةُ فرحة.. ولعل الفرحة العظيمة التي عاشها ابطال اكاديمية المحاربين، من ذوي الاحتياجات الخاصة، هي الابرز، فظهور هؤلاء الابطال في مباراة الكأس، كانت اجمل لقطة في خليجي (٢٥)، وهي تمثل التفاتة رائعة لمن فكّر بذوي الهمم واشراكهم في فعالية، كان يتابعها ملايين البشر في ارجاء الكرة الارضية، فإن نهتم بهذه الشريحة، ونمنحها دورها الفاعل في المجتمع، انما تمثل خطوة متقدمة يشهدها العراق، لادماج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع.
من كل زاوية، وفي كل زاوية، كانت البصرةُ، فرحة.. فرحة وصل صداها الى اقاصي الارض، عبر مياه الخليج، وفي البحار والمحيطات، ليصحو العالم اجمع على اسم العراق والبصرة، بصورة وبهاء يختلف تماما عن تلك الصورة المشوهة التي رُسمت للبصرة والعراق..
من كل زاوية، وفي كل زاوية، كانت البصرةُ، فرحة.. فقد رسمت هذه البصرة، فرحة وابتسامة طافت دول الخليج العربي من اقصاها الى اقصاها وصولا الى اليمن السعيد، فثلاثة وخمسون عاما، والخليج لم يبتسم، كما ابتسم اليوم، ابتسم بعد ان احتضنته البصرة، ببشره وشجره، ومائه ورماله، واحتضنت معه العراق، واحتضن العراق، الخليج والبصرة، فكانت الابتسامة الصادقة، وكانت الفرحة الحقيقية..
من كل زاوية، وفي كل زاوية، كانت البصرةُ فرحة.. فرحةُ الاستعداد الذي لم يستغرق سوى ايام معدودات، لم تتعدى الثلاثين يوما، ولكنها انتجت تنظيما عالي الدقة، وحفل افتتاح بهرَ القاصي والداني، ولم يترك مساحة من دون اضاءة يمكن ان يتسلل من خلالها المتصيدون في الظلمات، بقصد افشال التنظيم، هم حاولوا ولكن انوار البصرة لم تدع لهم مجالا لتمرير محاولاتهم..
من كل زاوية، وفي كل زاوية، كانت البصرةُ فرحة.. الفرحة بذلك الكرم البصري غير المسبوق، كرمٌ، وضع تعريفا جديدا للكرم، بدّالة عراقية بصرية، ليس لها شبيه في هذا الكوكب..
من كل زاوية وفي كل زاوية، كانت البصرةُ فرحة، من سيابها الى شطها، ونخلها، وجذعها الذي احتضن الكون والخليج والعراق، فرحة ابناء الخليج الذين جاءوا من كل فج عميق، يحجون الى بصرتنا ليعيشوا ايام فرحٍ لم يتذوقوا طعما يشبه طعمها في (٢٤) دورة لكأس خليجهم، فرحة العراقيين بجميع الوانهم واطيافهم وقومياتهم، مَن وصل الى البصرة منهم وصل، ومَن لم يصل، صلّى صلاة الفرح في جميع ربوع هذا البلد.. فقد كان العراقيون بقضهم وقضيضهم، المرتكز الاساس في نجاح البطولة، وملحها، لم يثنهم المطر ولا البرد من التشجيع والمؤازرة للمنتخب الوطني، فكان الفوز، وكانت البطولة..
من كل زاوية وفي كل زاوية، كانت البصرة فرحة.. فرحتنا بمنتخبنا الوطني، الذي خطّ مسارات الفوز والظفر وسط صعوبات لم تكن سهلة.. ابطال المنتخب عرفوا الطريق الى مجد الانجاز، فكان الانتصار في موقعة فريدة، في مباراة الختام، امام المنتخب العُماني، كانت من اقوى المباريات، سرعة وندية واثارة، وصراع على الصدارة.
من كل زاوية وفي كل زاوية، كانت البصرةُ فرحة.. فرحة ختام البطولة، بفوز عراقي مستحق، الفوز بالكأس، والفوز بالتنظيم، والفوز بتصدير صورة جديدة للعراق، صورة كل ما فيها كان جميلا يدعو للفرح،، واجهنا الخوف، ومضينا نحو تنظيم البطولة، فكان التنظيم انجاز عراقي، لا ابالغ ان قلت انه يضاهي ما قدمته الشقيقة قطر في تنظيم مونديالها المتميز.. تنظيم، ربما احرج اشقاءنا الخلايجة، فلعلهم يقولون في سرهم، لانملك مثل هذه القدرات لكي تكون الخليجيات المقبلة بمستوى خليجي البصرة..
من كل زاوية، وفي كل زاوية، كانت البصرة فرحة.. فرحة لم تكن صناعتها سهلة، ولم تكن الجهود المبذولة فيها قليلة، فثمة جهود عملاقة، بذلها المنظمون، بدءاً من الدعم المفتوح الذي قدمته الحكومة، مرورا بدور وزارة الشباب والرياضة، والاتحاد العراقي لكرة القدم، وحكومة البصرة، التي ابلت بلاءً حسن بقيادة شيخ البصرة ومحافظها اسعد العيداني، من دون ان ننسى جهود المحافظين والمحافظات التي قدمت الدعم اللوجستي للبصرة، وما قدمته قواتنا الامنية في وزارتي الدفاع والداخلية والحشد الشعبي،من دور عظيم في توفير الاجواء الامنة للبطولة، ودور رجال المرور، وكوادر وزارة الصحة، والنقل، والاتصالات، وباقي الوزارات والمؤسسات والجهات التي اسهمت في دعم وانجاح خليجي (٢٥)..
من كل زاوية، وفي كل زاوية، كانت البصرةُ فرحة.. الفرحة في الصورة التي نقلها الاعلام العراقي والعربي والعالمي، عن العراق والبصرة، ليس في مجال كرة القدم وحسب، انما في جميع المفاصل..
من كل زاوية، وفي كل زاوية، كانت البصرة، فرحة، فرحة غطّت على مواطن الخلل وبعض الاخفاقات في مراحل مختلفة من مراحل البطولة، ومفيد جدا ان نسجل مثل هذه الاخفاقات، لكي تكون دورسا لنا، حتى لا تتكرر في مناسبات مقبلة، مناسبات ستكون كثيرة وكبيرة، بعد ان فتحت البصرة جميع الابواب المغلقة..أَلمْ اقل لكم ان البصرة فرحة…..