اجريت في الاسابيع الماضية دورة كأس الخليج 25 في البصرة الفيحاء وبجهود واتعاب مجموعة من الشباب الرياضين من مكونات المجتمع في منتخب العراق لكرة القدم ، يدا بيد قلبا وقالبا بروح وطنية خاضوا المباريات بجد واخلاص وبنزاهة تامة وتوجوا بكاس الدورة ورفعوا سمعة وطنهم بين الدول الاقليمية خاصة و العالم عامة وادخلوا نزاهة وشهامة انفسهم في قلوب المواطنين بشرف وعزة ، واقيمت لهم الاحتفالات من قبل الشعب على فوزهم في الساحات العامة والشوارع تكريما لاداءهم الرائع في المباريات في وقت كانت معركة الدينار مع الدولار ساخنة في كل بيت وشارع ومتجر بسبب فساد السياسين في السلطة ، وكان بامكان أي منهم ان يفسد المباراة ويحصل على ما يتمناه من المال كما تجرى في مباريات كثيرة ويخضع جهود الفريق واتعابهم للفشل ويخيب امل المواطنين كما في اللعبة السياسية الساخنة في البلاد .
يمكن لاي مجموعة او فريق عمل في مجالات شتى ان يصنعوا المستحيل بالتكاتف والاخلاص والنزاهة كما فعله منتخب العراق لكرة القدم في تلك المباريات بإعادة مكانة وسمعة العراق الى المحافل الكروية الدولية بعد انقطاع طويل وان يسجلوا نصرا في مجال اختصاصهم الرياضي للعراق وليس لفئة معينة من المكونات ، ولكن الفرقاء السياسية في السلطة منذ تاسيس الدولة اجتهدت في تفضيل مكون واحد على حساب المكونات الاخرى وهدرت الثروات في الشهرة والاسناد لها وخلقت مشاكل ونزاعات داخلية واخيرا وصلت الى حروب خارجية وغرق العراق في الديون والمساس بكرامة سيادته وتجويع الشعب الى النخاع وبعد العام 2005 واستلام الفرقاء السياسين الحالية السلطة بثروات هائلة تقاسموها فيما بينهم وكان بإستطاعتهم إكساء ارض العراق وشعبه بالذهب بها وانهاء التخاصم الطائفي والقومي المتوارث ، بالتآخي وخلق هوية وطنية لاغيرها للمجتمع ولكن اهدروا تلك الاموال بالفساد وازدياد التخاصم وافشاء الرشوة والمحسوبية والمنسوبية في السلطة لانعدام تلك الصفات التي وجدت في المنتخب لديهم ولذلك بدلا من ان يمجدهم الشعب ويخلدهم التاريخ لاقوا التنديد على فسادهم المختلق بمظاهرات حاشدة بين فترة واخرى .
الفساد آفة تحرق الاخضر مع اليابس خاصة اذا كان موردوا الفساد السياسين في السلطة لان دور السياسة تختلف عن دور الرياضة فالاولى هي التي تحافظ على سيادة الدولة وتصون كرامة الشعب وتؤمن الامن والاستقرار والامن الغذائي والعيش الرغيد لكل فرد في المجتمع وتسعى لارتقاء البلاد نحو العلى في كافة المجالات بين الدول ، أما الثانية الرياضة هي فعالية تجميلية تكميلية لما صنعتها السياسة الراشدة لرفعة اسم الدولة والتعبير عن ثقافة ورقي الشعب وازدهار البلاد في المحافل الدولية لذلك فدورها محدود ولا يمكنها تعويض ما تدمرها السياسة بالفساد ويعني بان الملح قد فسد ، وما صنعه المنتخب الوطني كان برهانا بأن بالتآخي والتكاتف بين المكونات وبالنزاهة والاخلاص يصنع المستحيل. فهل السياسيون في السلطة يأخذون العبرة من المنتخب العراقي لكرة القدم لما قدموا وكرموا من الشعب لتصحيح مسار سياستهم في إدارة البلاد لما تبقى من مدة بقاءهم في السلطة على الاقل للابتعاد عن لعنة الشعب وشفرة التاريخ .