هكذا تحقق الولايات المتحدة أهدافها من وراء احتلال العراق في جعله دولة ضعيفة ويشاطرها في هدفها هذا بعض دول الجوار للحد من قدرته السابقة في تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط وقدرته في المطاولة مع إسرائيل ، وللاسف الشديد قد غابت عن الكثير من أبناء شعبنا هذه الحقيقة بل راح هو الاخر اضافة الى نوايا الغير يعمل ( عن قصد أو غير قصد ) على إضعاف دولته والعمل على جعلها دولة فاشلة ، ولو استعرض أي منا بأمعان مجريات الصراع داخل هذا البلد منذ عقدين لاتضح له ، أن سقوط الكوابح الاجتماعية لدينا ساعد كل الأطراف نحو الانزلاق في مهاوي التبعية والفساد أو حتى في الرذيلة ، وتوقف العقل عندها ليبدأ دور السلاح واستعراض العضلات في حل تبعات سرقة المال العام بالتعدي على القوى الأمنية او التجاوز على القضاء وهذا اولا ، وثانيا استخدام هذا السلاح في تمكين الإتباع للغير بتعزيز مواقعهم والدفاع عن مكتسباتهم ، وثالثا ما تمتلكه مافيات تهريب المخدرات أو مافيات تهريب النفط من سلاح هو الاخر يعمل على ارهاب الناس وتفكيك قدراتهم العقلية بالمخدر ، ورابعا ما تقوم به العشائر اليوم وايضا باستخدام السلاح لفض المنازعات البينية العشائرية وما يسببه هذا السلاح من ارهاب وتهديد للسلم المجتمعي ،
أن تركيزنا اليوم على ما تقوم به العشائر يتمحور حول أريحية النزاع العشائري لانه لم يكن ملاحقا من قبل القوى الأمنية مثلما هي عيون تلك القوى على مافيات المخدرات على سبيل المثال أو سارقي النفط الخام ، لذلك ترى النزاعات العشائرية هي حروب فعلية طليقة لفترات كفيلة بأيقاع اكبر الخسائر بالبشر والممتلكات لحين وصول قوات الدولة لإيقاف تبادل النار ، خاصة وأن العشائر لازالت تمتلك سلاح الجيش السابق المكون من الأسلحة المتوسطة والخفيفة والبعض لديه سلاح ثقيل ، وان مضيف شيخ العشيرة على ما يبدو صار مقرا للقيادة جيش العشيرة ، وان شيخ العشيرة نفسه أصبح قائدا عاما لكتائب الجيش ، وربما ابنه رئيسا لأركان هذا الجيش المعد لمقاتلة العشائر المجاورة أو البعيدة لا لشئ ، بل لأتفه الأسباب ، وان ما يحدث كل يوم من نزاع عشائري في شمال البصرة أو جنوبها وفي وسط العمارة أو شرقها ، أو قتال ينشب في هبهب أو الخالص في ديالى لم يعد كافيا بل سرت عدواه إلى بغداد نعم بغداد العاصمة في الكمالية أو الأمين أو بغداد الجديدة لا بل حتى في أحشاء مدينة الصدر ، كل هذه الحروب البينية هي نتاج أفعال من يحتقر الدولة ويحاول تجريدها من صلاحياتها القانونية وهنا نشخص دور من عدوا أنفسهم سياسيين . وأضعفوا الدولة وحلوا محلها في تشكيل كيانات موازية . والعشائر اليوم بشيوخها تتوهم أنها ستكون بديل الدولة خاصة وأنها تجاوزت العقوبات بالفصول وتراجعت عن القوانين والأصول وشجعت الجاهل لارتكاب الفعل غير المعقول ، وهذا التدني في احترام الأعراف والتقاليد الأصيلة جعل ما كان عيبا عشائريا عملا مقبولا ، وصرنا مثل غابة الأمازون كل يأخذ حقه بيده وكل يبني قوته واخيرا كل يعادي دولته….