( غيمة عالقة )

الصبيُّ الذي تكلَّمَ كثيرًا
إلى الداخلِ
قَطَعَ المسافةَ نفسَها مرتين
– في الاتجاهِ الخطأْ –
ليجدَ نفسَه في الثلاثين
بلا مرايا جانبيةٍ للطريقِ
ولا أسماكٍ في حَوضِ الزينة
فقط لافتة
مكتوبٌ عليها:
تَلَمَّسْ عصفورَك في القَلبِ أولًا

(الشاعر)

نظَّفَ حَنجرتَه من بقايا غناءٍ قديمْ
وذاكرتَه من غبارِ القوافلِ
ومشى وحيدًا إلى الليلِ
وحيدًا كذئبْ
لا كطريدة؛
حدَّقَ في المرآة طويلًا
كأنه يشربُ صورتَه على ظمأ
وجَلَسَ إلى طاولة
المماحي عليها أكثر من الأقلام؛
بإمكانه الآن
أن يكتبَ نصه الأول

(إعلان)

وادِعٌ
وأليف
من سُلالةٍ نادرة
ومُدَرَّبٌ على الطاعة؛
يتكوَّمُ على نفسِه في الليل
ويَنبحُ إلى الداخلِ
كلما خَمَشَ نفسَه
أو تحسَّسَ ندوبَه القديمة
لكيلا يَنْهرَ المارّة..
وفي النهار
يَغرَقُ في عاديّتِه
حيثُ لا بطولات تُذْكَر
لمن قضى حياتَه في الحراسةِ
لا الصيدْ؛
-يَقِظٌ
– مُنتَبِهٌ
ووفيٌّ بالفطرة؛
عيبُ قَلبي الوحيد
أنه كلما أحسَّ بالخطر
لا يُحسن التصرف

( قبلَ أنْ يُسدَلَ السِتار)

في الصباح
أعني كل صباح
ليلٌ فاضَ عن حاجةِ الوحيدْ
انتظارٌ نَما على شبّاك المسافرِ
عصافير تأوي إلى سلكِ الكهرباءِ
خوفًا من الشجرة
وحبيبان تعانقا خُلسةً؛
عَبَرا الشارعَ
كغريبَين
فيما الكنّاسون
يهشّون على أيامِهم بآلاتٍ وتريةٍ قَديمة
في الصباح
أعني في هذا الصباحِ
تحديدًا
شاعرٌ حقيقي
على كرسيٍّ في المقهى
لا يريدُ لهذا كله أن يموتَ على الورقْ
يكتفي بالمشاهدة

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *