أصحاب الاختصاص في الصحة النفسية ومعالجة الصدمات الناتجة عن كوارث مدعوون لأن ينزلوا بسرعة في ميدان الإغاثة في تركيا وسوريا بعد كارثة الزلزال. هناك أعداد كبيرة من الأطفال الذي نجوا وحدهم من دون عوائلهم التي قضت تحت الأنقاض، وانّ الصدمة تجعل أولئك الأطفال دائمي السؤال عن أبائهم وامهاتهم واخوانهم الذين لم يظهروا منذ يوم الزلزال، ونقلت شهادات مراسلين صحافيين في بلدات الكارثة قصصاً مروعة وحزينة لاسيما في مجمعات المخيمات التي تأوي المشردين وبينهم أطفال تحت الصدمة.
لقد سقطت الطفولة من قبل، في سوريا والعراق تحت نيران الحروب في السنوات الأخيرة وعانت الأمرين، ونجد في البلدين، في خلال عقدين من الزمن أعداداً كبيرة من الأطفال اليتامى، وبينهم مَن فقد جميع افراد عائلته، وكانت الرعاية النفسية لجيوش الايتام ضعيفة وأحياناً منعدمة باستثناء حالة جزئية لجمعيات إنسانية محلية الى جانب الحاضنة الاجتماعية للعشيرة او العائلة الكبيرة، وهذه عوامل بسيطة في الرعاية لأنها أساساً هي أيضاً تعاني من اثار الحرب وظروفها. اليوم تتكرر المأساة بشكل عنيف وجارف مع الأطفال الذين نجوا من الكارثة الزلزالية ليجدوا أنفسهم في العراء تماماً، ذلك العراء النفسي الأقسى، وفي ايدي أناس غرباء عنهم.
المختصون النفسيون يجب أن يكونوا حاضرين ومشاركين في قرارات الرعاية الاجتماعية والإغاثة العامة والهيئات الحكومية والدولية المعنية، لأنهم أكثر دراية من سواهم بأهوال ما تتعرض له نفوس الأطفال تحت هذا الظرف العصيب. المسألة ليست دائماً إغاثة بالطعام والشراب والملبس والمخيمات، هناك ما هو أكبر تأثيراً يتعلق باحتضان الأطفال الذين نزلت عليهم المصائب ولا تحتملها نفوسهم وأرواحهم الغضّة.
نعلم انَّ هناك أولويات في الإنقاذ والإغاثة والايواء، وانَّ حجم الكارثة أكبر من إمكانات اية دولة في التوقيت والمكان، لكن الجانب النفسي مهم جداً ، وسيكون مصاحباً مباشرة وكذلك بعد الايواء بقليل، وهذا يتطلب مساندة مجتمعية كبيرة، ولابدّ من الجمعيات والمعاهد والجامعات ذات الخبرة في التعامل مع هذه الحالات .