تابعت باهتمام خلال وجودي في القمة العالمية للحكومات في دبي رئيس جمهورية رواندا بول كاغامي أحد ثلاثة كانوا ضيوف شرف في القمة
شهدت جلسات القمة بدعوة كريمة من حاكم دبي عام 2019 وكنت مقيما في لبنان وسبب اهتمامي من الناحية الصحفية ان رواندا تحولت من الصراع الدموي الى خامس أكثر البلدان أماناً في العالم.
و تجربة رواندا تستحق ان يتعرف عليها العراقيون يدرسونها ويعملون بمثل ما قام به ابناء رواندا فنحن في العراق نعيش فترة الصراع الدموي بمختلف أسبابه السسياسية والطائفية والفساد المالي والاداري.
جاء الرئيس الرواندي الى القمة يستعرض تجربة بلاده الحكومية والإنسانية المتميزة، أمام مشاركين من 140 دولة حول العالم، ويلقي الضوء على محطات مفصلية في تاريخ هذه الدولة، التي شهدت واحدة من أبشع حروب الإبادة الجماعية، التي راح ضحيتها ما يقارب من المليون نسمة في تسعينات القرن الماضي، وتطويق آثار الحرب الأهلية، وإرساء حالة من التقدم الاقتصادي، وتعزيز التنمية وحققت رواندا إنجازات نوعية سبقت فيها العديد من الدول، نتيجة استراتيجيات وسياسات استطاعت من خلالها تبني فكر استشراف المستقبل، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي فيها عام 2018 نحو 7.2%، حسب إحصاءات صندوق النقد الدولي، وتقلص الوقت اللازم لإنشاء نشاط تجاري فيها من 43 يوماً إلى أربعة أيام فقط، وتصدرت عام 2016 الدول الإفريقية في استقطاب رجال الأعمال، وفقاً لتقرير السوق الإفريقية المشتركة.
* الريادة في التكنولوجيا
وتحتل رواندا موقع الريادة على مستوى القارة الإفريقية في مجال الثورة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إذ توفر الإنترنت مجاناً داخل منظومة المواصلات العامة وسيارات الأجرة، وفي مؤسسات القطاع الصحي، وضمن معظم المباني التجارية والخدمية، كما أنها من الدول الرائدة في توظيف التكنولوجيا الحديثة في المجال الاقتصادي على مستوى إفريقيا، وقد أعادت بناء البنية التحتية لتدعم نمو القطاع الخاص، وترسخ ثقافة ريادة الأعمال، وتشجّع انطلاق الأفكار المبتكرة والمشروعات الناشئة، وتعزز من مكانة المرأة.المستدامة.
* الرئيس يتحدث عن التجربة
وفي جلسة من جلسات القمة شهدها الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الامارات حاكم دبي تحدث الرئيس بول كاغامي فأشار إلى أن التعاون بين الدول والحكومات والعمل المشترك هو الطريق الصحيح لتعزيز مسيرة التنمية العالمية والدفع بها نحو الأمام، مشيداً بالجهود والخطوات التي اتخذتها الدول الأفريقية التي تصب في هذا المجال كالاستثمار برأس المال البشري والبنية التحتية والتكنولوجيا. وأكد أن مثل هذه الخطوات الإيجابية ستسهم في استغلال الفرص الاقتصادية غير المسبوقة والكامنة في أفريقيا، والتي من المتوقع أن تصبح القارة الأكثر تعداداً بحلول 2050.
وأشار الرئيس الرواندي إلى الأسس التي اعتمدتها حكومة بلاده لتحقيق التقدم والنجاح والانتقال من الحرب إلى السلام وبناء الأوطان مؤكداً ضرورة فهم القادة والجهات الحكومية لاحتياجات ومتطلبات المواطنين، وإشراك الشعوب في مختلف القضايا ومجالات التنمية، وتمكين المرأة وضمان مشاركتها في جميع القطاعات.
وأضاف أن على الحكومات الالتزام بوضع السياسات والتشريعات التي تخدم مصلحة الإنسان وجودة حياته وهو ما ساهم وبشكل كبير في حل المشاكل والنزاعات التي عانت منها رواندا، وأتاحت لها الفرصة للنهوض والتطور.
* وجهة عالمية للسياحة
وبفضل خطط التنمية الشاملة التي وضعتها رواندا لمختلف القطاعات، بما فيها القطاع السياحي الذي وفرت له الكوادر المهنية المدرّبة، وطورت البنية التحتية المناسبة، استطاعت أن تصل بأعداد السياح عام 2018 إلى أكثر من مليون سائح، حسب «المجلس العالمي للسفر والسياحة»، ما عزز الفرص الاقتصادية، وحول رواندا إلى وجهة عالمية جديدة تستقطب الزوار والسيّاح من أنحاء العالم.
وتمضي رواندا قدماً نحو استخدام التقنيات المالية لتعزيز الاقتصاد الذكي اللا نقدي، ونجح البرنامج الوطني لتنظيم حيازة الأراضي بتحسين إجراءات تسجيل الأراضي.
وكان كاغامي شارك في الدورة الرابعة للقمة العالمية للحكومات، حيث استعرض تجربة إنقاذ مليون مواطن في بلاده من الفقر، في حوار سلط الضوء على قدرة الدول النامية على النهوض من أزماتها، والتعافي من الصراعات والنزاعات التي أصابتها في مرحلة من المراحل، ووضع الحرب الأهلية وراءها، والانطلاق من جديد بشعوبها نحو مستقبل أفضل.
اهتمت رواندا بتنويع الاقتصاد واستدامته من خلال استشراف مستقبل القطاعات والفرص الاقتصادية الناشئة.
اسم رواندا يعني أرض الألف تل هي دولة في شرق أفريقيا بمنطقة البحيرات العظمى الأفريقية وتعد رواندا منبع نهر النيل.
وقد جذبت تلك الدولة الاهتمام الدولي نتيجة الإبادة الجماعية. ومنذ ذلك الحين بدأ البلد بالمعافاة واستعادة وضعه الطبيعي، حتى اعتبرت رواندا الآن نموذجا للبلدان النامية. وقد نشرت محطة سي إن إن تقريرا أظهرت فيه قصة نجاح رواندا العظيم، حيث حققت الاستقرار والنمو الاقتصادي (متوسط الدخل قد تضاعف ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة) والاندماج الدولي. وتوصف الحكومة الرواندية على نطاق واسع كواحدة من أكثر الحكومات كفاءة ونزاهة في أفريقيا. حيث وصفت صحيفة فورجن في مقال نشرته مؤخرا بعنوان: “لماذا يحب المدراء الكبار رواندا؟”.
العاصمة كيجالي هي أول مدينة في أفريقيا تمنح لها جائزة زخرفة المساكن مع جائزة شرف لاهتمامها بالنظافة والأمن والمحافظة على نظام المدينة النموذجية.
*النساء اغلبية في المجلس التشريعي
وفي سنة 2008 دخلت رواندا التاريخ بوجود أول مجلس تشريعي منتخب تمثل فيه الأغلبية للنساء. وفي تشرين الثاني 2009 أصبحت رواندا عضوا في دول الكومنولث، حيث أنها واحدة من دولتين في الرابطة لم تكن يوما مستعمرة بريطانية سابقة.
توجد في رواندا جاليات عربية ومسلمة. يمثل الهوتو 80% من السكان وقبائل التوتسي 20%. يعد الاستقرار والسلم الاهلي نادر الحدوث في كل من بوروندي ورواندا بالذات في القرن الماضي، إذ دارت عدة حروب قبلية كان السبب المباشر فيها التدخل البلجيكي في شؤون السكان ورفع شأن بعض الفئات من التوتسي على حساب باقي السكان في بعض الأحيان ومن ثم كسب ود الهوتو الاكثرية والدفع بهم للاخذ بالثأر القبلي من جميع التوتسي
* كيف حدثت الإبادة الجماعية؟
الإبادة الجماعية في رواندا هي إبادة وقعت في إبريل / نيسان 1994 حيث تعرضت الأمة الأفريقية الصغيرة في رواندا إلى أكثر الإبادات الجماعية في التاريخ في القرن العشرين. تمت بواسطة حدث سياسي خطير قام على أساس الدعاية العنصرية من مجموعة الأغلبية هوتو وقاموا بذبح أكثر من ثماني مئة ألف فرد من جماعة الأقلية التوتسي في مدة 100 يوم بواسطة استخدام المنجل. وقد تم تفسير هذه الصراع علي أساس التنافس القبلي بين الجماعتين الممتد منذ قرون ولم ينجحوا حتى في التصالح في مرحلة ما بعد الاستعمار.
ففى السادس من أبريل / نيسان من عام 1994 أصاب صاروخان الطائرة الرئاسية الرواندية أثناء اقترابها من مطار كيجالى الرواندي ما أدى إلى سقوطها على الأرض ومقتل جميع ركابها، من بينهم زعيم رواندا “جوفينال هابياريمانا” والرئيس البوروندى “سيبريان نتارياميرا”.
وعقب الحادث مباشرةً انطلقت المجازر عبر رواندا بأكملها وبدأت عمليات القتل التى قضت على خُمس سكان البلاد، بالمناجل والمطارق والسيوف.
نجحت رواندا فى النهوض سريعاً بعد الإبادة الجماعية عام 1994، وها هى تمتلك أجمل مدينة أفريقية، حققت السياحة وحدها نحو 43% من الدخل الإجمالي للبلاد، ونجحت الحكومة الرواندية الحالية فى تسويق “كيجالي” كوجهة آمنة عن طريق تطبيق القوانين الصارمة الملزمة للمواطنين، فصارت من أنظف وأرقى المدن فى القارة السمراء، وكان لحرص وترحيب الدولة الرواندية باستضافة القمة الأفريقية رقم 27، رسالة مهمة أرادوا توصيلها للعالم بأن رواندا ستحتل مكانة متقدمة جداً على خريطة العالم خلال سنوات قليلة، وأن رئيسها الحالى كاغامى، يسير بخطى سريعة نحو تحقيق مجد كبير لهذا البلد الصاعد بقوة.