في الاقتصاديات التي تسمي نفسها نامية لن يكون متوقعا ابدا- الا فيما ندر- ان ينتقد عامل في مفصل حكومي او سياسي المؤوسسة او الجهاز الذي/التي يستمر في اداء خدمات لها.
الاقتصاد فيها هو المال( المال السياسي) و المال السياسي هو الوجه السائد المؤثر في صنع السياسات، يتساوى في ذلك ( في صنع السياسة)التوجهان الرأسمالي و غيره، وكلمة(غيره) تجمع الاقتصادات المتبناة في عالم اليوم.. اغلب جوهر النزاعات يبدأ او يمر او ينتهي بمكاسب و خسارة اقتصادية تتوزع بين اطراف العلاقة مثار النزاع .
بوسيلة تقريب تصويرية يمكن رسم صندوق الاقتصاد و بجواره رسم موقع الجهة التي تحركه و حول الرسمين توضع الضمانات الفعلية قوية ام ضعيفة ام صورية، وهي حالة لا ينفع معها الا المصارحة ذلك ان الترقيعات الكلامية لا تصمد امام الجهة التي تحرك لها مسار الاقتصاد، بمعنى ان الهدر او الانفاق غير المجدي بل ان اي تصرف مالي او نقدي لابد ان تظهر نتائجه مباشرة وان بنقاط باهتة اللون، ذلك ان الاقتصاد بمكشوفيته التداولية له جهات دولية تتابعه و تقيمه بأعتبار انه من ارقام معادلة العلاقات الدولية و القانون الدولي الذي يمثل فيه الاقتصاد دورا رئيسا في مفاعيل العلاقة الدولية وليس السيادة كما يرى اقتصاديون و سياسيون فاعلون .
عنف وفساد
ان واقعا وعناوين حالات ظهرت خلال العقدين الماضيين في العراق، مثل العنف والفساد وتسييس او بالادق تحزيب ما لا يجوز تحزيبه من الجهاز اي جهاز محمٍ دستوريا او محصن قانونيا، هذا الواقع و تلك الحالات هي نتائج الشكل و المحتوى الاقتصادي غير الواضح، وهي نتائج تجري مطاردتها بأنتقائية حسب قوة الفاعل، تقل فيها عكسيا مع قوة فاعلها، واحيانا كثيرة تجري مطارتها ببيانات مبنية في التهمة لمجهول.
ليس سهلا ان تتبنى الدولة منهجا اقتصاديا، فنجاح التبني يظهر في النتائج، و النتيجة ترتبط بدرجة النجاح التي تبني فيها الدولة حساباتها على عوامل عدة منها امكانية تنفيذ برامجها بمعزل عن تأثيرات داخلية يجب ان تكون فيها الدولة اقوى من قوى تنازعها شرعية وجودها، وهذا ملاحظ في العراق، فليس سرا وجود نزف للمال السياسي و ليس سرا السبب و النتيجة الحاليان اللذان يقفا بوجه استمرار التمول من اقتصاد الدولة لمصلحة لا تعود لشعب الدولة المتعدد الاعراق.
انحسرت الشراكة في صنع الاقتصاد العراقي منذ العام 1958، و ضاع المستقبل المفترض على المديات البعيدة لدولة ثرية وسط حرف للواقع يركز على واجبات و التزامات لم تكن اكثر من سياسة محاور ادمنها اللاحقون حتى اليوم. بجردة استعراض للاداء الاقتصادي للدول جارة العراق، ستظهر حتى مع الاقتصادات الضعيفة او المحاصرة او تلك القوية ان الدول هذه تضع السياسة في خدمة الاقتصاد حتى وان سوقت عدد منها هويتها على انها دول بعداوة مع اقوى اقتصاد عالمي.
وستظهر ايضا هشاشة الاداء المتوارث في وضع الاقتصاد في خدمة سياسات متعددة مرجعها الكم المتزايد من قوى فرضت نفسها على القرارين التشريعي و التنفيذي وعلى السلطة القضائية، ثم لما تفجرت الازمات فقرا وجهلا و انتكاسة اداء، راح المتخادمون يطاردون النتائج.
{ مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني.