هناك برنامج حكومي، يتوافر على فقرات تدور في فلك تسديد المتطلبات المرحلية والسريعة للعراقيين وللجهد العام لأجهزة الدولة، وهذا الامر يرتبط غالباً برئيس الحكومة وصلاحياته ومتابعته حقائب الوزراء في تنفيذ البنود الواضحة والممولة من الموازنة. الى هذه النقطة تبدو الصورة واضحة ومستوفية عناصر التنفيذ والادامة، بالرغم من انَّ ما جرى تنفيذه لا يزال محصوراً في إطار تقييم قناعة الحكومة ذاتها في منجزها، ولا توجد مراجعة من البرلمان العراقي الذي يبدو أنه في” دوار” غير قادر على استشراف الطريق الصحيح لوضع موازين دقيقة في النظر الى جهد الحكومة العام، في السلب والايجاب.
غير انّ المسألة الاستراتيجية لا تزال بعيدة المنال في النظر الى إيجاد المسارات الأساسية المستقرة لها، وأهم ما في تلك المسألة، هو الثروة النفطية التي تسعى الدول الى التخلص من خناقها وعبوديتها الاقتصادية، كونها ترهن كل المعطيات التنموية بإيراداتها، وهي قضية معروفة لأية حكومة، لكن يجري “التضحية النسبية” بها لصالح تنفيذ برنامج حكومي يظهر مدى النجاح الآني للجهد الوزاري، في حين يجري أوتوماتيكيا ترحيل القضايا الاستراتيجية الى حقب مقبلة من الزمن، ربّما مع حكومات مقبلة، لا نشك في انّها ستتصرف في نفس السياق حفاظاً على صورتها وحرصها على تنفيذ برنامج وزاري يومي أو سنوي.
لابدّ من التوقّف عند نقطة حاسمة، والبدء على سطر جديد في سفر بناء الدولة على وفق الدخل القومي والثروات بما يعطي أملاً للجيل المقبل لكي يعيش من دون أن يتحسّر على ثروات جرى تبديدها في استهلاك الرواتب والوظائف الحكومية المتضخمة أصلاً.
هناك كلام مستمر عن ترشيق الدولة، وإيجاد مصادر تقلص الاعتماد الأحادي على النفط، لكن لا توجد علامات حاسمة على الانعطاف نحو هذا الطريق الجديد الذي ينقل العراق الى مرحلة أخرى وحتمية يجب ان نصلها قبل أن يضيع البلد، مهما كانت التكلفة عالية.
أمامنا تجربة السعودية ذات الثروات المتراكمة الكبيرة وعدد السكان المنخفض لكن هاجس السعوديين لإيجاد بديل للنفط في خلال أفق زمني محدد هو الذي يحكم السياسية والتخطيط لديهم.
أعرف انَّ هذا الكلام ليس من اختصاص حكومة لها فترة زمنية محددة وتغادر، لأنَّ المنعطف التاريخي مثل الحرب والسلام، هو تغيير حقيقي، وقرار موحد لجميع الفعاليات السياسية والمتخصصة والوجاهية، هو قرار دولة وليس حكومة فحسب، فمَن سيتخذ قرار النقلة الى منعطف جديد ومتى؟ ذلك هو التساؤل المزمن