ما كان الانسان يراه في روايات الخيال العلمي في الكتب والسينما قبل عقود من الزمن، بات في متناول ايدي الدول والشركات الكبرى ، والافراد أحياناً، في التصرف به بحسب احتياجات خاصة ولوازم أنشطة معينة، من خلال ما بات يعرف بالذكاء الاصطناعي.
تكاد تكون جميع فعاليات الحياة تفيد من هذا الذكاء فيما لو جرى توظيف نتائجه لصالح خدمة او مهمة معينة. اختصر هذا الذكاء أشواطاً ليس لها عدد من الازمان التي تحتاجها الوظيفة التي يزاولها البشر بشكل عضلي او ذهني لمدة تتجاوز قرن، وأصبح الذكاء الاصطناعي مفتاحاً للوصول الى أفضل النتائج في تحليل المعلومات الاستراتيجية والأمنية والتوصل الى صور مطلوبين مجهولين و لا توجد عنهم سوى بعض المعلومات الوصفية السطحية. وكذلك يفيد الطب في الانتقالة الى عالم الجينوم الخارق من هذا الذكاء، الذي واجه العالم كله الحاجة المتناهية له بالإمكانات والسرعة الزمنية حين وقعت البشرية بين كماشَتي فايروس كورونا المرعب الذي شل الاقتصاد والحياة سنتين في الأقل قبل التوصل الى لقاحات متاحة للجميع كانت نتاجاً مباشراً لأحد معطيات الذكاء الاصطناعي في حرق المراحل الزمنية للاختراع.
والذكاء الاصطناعي سلاح غير ظاهر غالباً بيد الدول الكبرى، أو لعله بيد الشركات التي تتحكم بقرارات تجارية ومالية وتسليحية وصناعية لتلك الدول. ويبدو انّ التصورات عن الحروب القائمة الان أو التي يتجه اليها العالم في قابل الأيام، تستند الى رؤى يقدمها الذكاء الاصطناعي الذي يذهب الى تحليل شديد الدقة للبيانات واستخدامها في خوارزمية متشابكة مع كل معلومة بيانية متناهية في الصغر عن دول وشخصيات وقادة حرب وسواهم.
من هنا، لا يمكن أن نستبعد انَّ تصريحات كل من الرئيسين، الامريكي بايدن، والروسي بوتين بشأن المنتصر والمنهزم في حرب أوكرانيا تقوم على أساس من خارطة طريق يفرشها الذكاء الاصطناعي. لكن في النهاية يستطيع العقل البشري أن يتحكم في خرائط الذكاء الاصطناعي وتوجيهها بالشكل المطلوب لتلبية حاجات معينة في السلب والايجاب. يا ترى ما هو حجم الصدمة التي قد تصيب العالم كله، اذا حللنا بالذكاء الاصطناعي مستقبل العراق في خلال عقدين مقبلين، استناداً الى معطيات معلوماتية أفرزها راهنه السياسي المتداول في العقدين الأخيرين؟