شغلتني في الأيام القليلة الماضية قراءة، رسالة موجهة الى الرئيس الأمريكي جو بايدن ، انشغالي جاء على خلفية المضامين والمعلومات الاحصائية المقنعة التي وردت بها .كاتب الرسالة الدكتورجون أيبنار رئيس منظمة التضامن المسيحي الدولية وهو امريكي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ ومواظب نشط في كتابة العديد من الدراسات والمقالات التي نشرتها كبريات المجلات والصحف الامريكية ، كما له عدد من المؤلفات المعرفية الاخرى ، هو محاور يحرص بأستمرار على هدوئه ويلتزم الإصغاء بكل اريحية . تربطني به علاقة توزيع اغاثات تكررت عدة مرات من خلال البرامج الاغاثية التي تولت منظمة حمورابي لحقوق الانسان تنفيذها ، وسهٌل علي الحوار معه الصديق الاستاذ وليم وردا الذي تطوع للترجمة في كل الحوارات وتبادل الاحاديث التي جرت بيننا ، وقد توسع بعضها ليكون حواراً تشخيصياً نشرته صحيفة الزمان ضمن عددها الصادرفي التاسع من كانون الثاني 2018 الصفحة الثالثة ،كان متشائماً فيه الى حد ما حين قال لاخلاص في الافق من الفساد في الدول الضعيفة لكنه اضاف بضرورة المواظبة في التصدي لهذه المعضلة حتى الوصول الى آليات تقتلع الفساد من جذوره ، بمعنى حوكمة السلوك الوظيفي ، مضيفا ان اسوأ حالات الاغاثة عندما تستخدمها الدول كغطاء لعمليات سياسية ، محذرا من استمرار استنساخ الاوضاع الهشة لأنها قد تكون محركات للفوضى ومشددا على اعتماد الاشتراطات الانسانية في اية معالجات يتطلبها الميدان الدولي ، أي ان تكون مستوفيةً للشروط الاخلاقية ، وبعيدةً عن أية اساءة ، وهذه نقطة جوهرية دافع ويدافع عنها في كل الاجتهادات الحقوقية التي يطرحها.لقد سافر في بعثات تقصي ومناصرة انسانية الى عدد من دول العالم ، ومن كتبه كتاب ذو قيمة معرفية على درجة من الدقة بعنوان ( مستقبل الاقليات الدينية في الشرق الاوسط ) ، كما له احاطات عديدة عن اخلاقيات التعاطي الانساني .
جهود ميدانية
لقد ادهشني حقا في جهوده الميدانية المتواصلة في اغاثة مكونات عراقية ايزيديين ومسيحيين وكاكائيين وشبك ومسلمين وغيرهم .اتسم حضوره الميداني بالمزيد من الشجاعة عندما رافقنا الى الموصل لتوزيع اغاثات على سكان الموصل على بعد كيلومترين فقط من قتال كان يدور في المدينة لتطهيرها من الجيوب الارهابية عام 2017.الرسالة التي بعثها جون ايبنار الى الرئيس الامريكي يايدن يوم الرابع عشر من شباط (فبراير) بعد اربعة ايام من الزلزال المروع الذي ضرب تركيا وسوريا وقد تضمنت دعوة واضحة لرفع الحصار عن سوريا طالباً من الرئيس الامريكي مراجعة اولويات والكف عن استخدام هذه العقوبات واصفا اياها بالمجحفة والمسيئة والمتناقضة مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان بل ومتناقضة مع كل الصكوك الدولية التي تحث على التضامن والمصير المشترك للبشرية جمعاء ، والنبل في موقف ايبنار انه لم يطلب من بايدن رفع العقوبات في اطار مسامحة وعفو معين وانما ضمن سياقات اخلاقية وحقوقية عادلة ينبغي ان تكون القاسم المشترك لكل الاجراءات الدولية ،والكف عن تطويع المواثيق الدولية سياسيا مع ان العقوبات التي فرضتها الإدارة الامريكية على سوريا لم تعتمد الا ما تتخذه واشنطن من مبررات فحسب لفرضها هي وليست غيرها وانصياع بعض الدول الى هذا الاجراء ت الظالمة . واللافت في الرسالة ايضا اشارته الى النخب العالمية التي تطالب واشنطن بأبطال تلك العقوبات ،وكأني به يقول للرئيس الامريكي اذا لم تستجب لمطالب هذه النخب الوازنة الامينة على المسؤوليات الانسانية لمن تستجبب . بل كأني به يقول له حرر مواقفك من نزعات اذلال الشعوب والتصيد المحرم .