يشير بن حبيب في كتابه ( المنمق ) الى ان النكاح في الجاهلية كان على اربع : ( امراة تخطب فتتزوج ، وأخرى يكون لها خليل .. ورجل يواقع أمه فيتزوجها .. وامراة للبغي تشير الى نسب الولد وان كان المواقعون اكثر من واحد ) . بمعنى الولادة من البغايا تعد وجها من وجوه الزواج المباح.. لكن العرب لا يتحدثون عنه تحاشيا من الإساءة لأسماء بعينها كان لها دور لاحق .
( ذوات الرايات الحمراء ) .. جملة ترددت بالكتب تشير هذه المؤطرة بشيء من السوء ما يبلغ حد العار .. فيما تؤكد المصادر التاريخية الى انها ظاهرة علنية في الجزيرة وتمارس وتحمى من قبل القوى القريشية كما جاء بكتاب ( مثالب العرب ) لابن الكلبي .. واذا ما اخذنا قصة اتهام الفاكهة بن المغيرة زوجته هند بنت ربيعة بالزنا .. التي قال لها ابيها : ( يا بنية انبئيني ان كان الرجل صادق ، ساكلف من يدس السم له ويخرسه الى الابد .. وان كان كاذبا احاكمه عند كهنة اليمن ..) بإشارة لانتصار العقلية العربية الى المراة بما لا يشين الحرية الجنسية . وهذا يعلل ما ذهبت اليه الباحثة التونسية سلوى بالحاج في كتابها ( احداث قريش قبل الإسلام ) : – ( يجب ان يضع البغاء في اطاره التاريخي دون اسقاطات وتوظيف سياسي .. فالحرية الجنسية كانت مباحة للرجال والنساء على حد سواء ) .
نعتقد هنا ان شبه الجزيرة العربية منطقة صحراوية خالية من مستلزمات الحضارة مما فرض شظف العيش وضنك الحياة الذي اسهم بصورة ما لانتشار ظاهرة البغاء بمختلف طرق القوافل كانها ممارسة سياحية كما يطلق عليها عصريا .. وهذا لا يعني ان الظاهرة مستساغة اذ تذهب اخبار ما الى شين تلك الظاهرة وعدها ممارسة لا تليق بالشرف والرفعة والانفة العربية التي تميز بها البدوي عبر حقبه ومراحل تاريخه .
اللون الأحمر في بعض المرويات العربية يشير الى التقديس كما أشار الباحث المستشرق روسو لاكتشاف قبة حمراء فوق ظهر بعير في تدمر وان اللون الأحمر مرتبط بطقوس دينية مقدسة مع ان الدكتور جواد علي يستبعد ان يكون للعرب الهة للحب .. فيما ذكر الطبري قصة اساف ونائلة كمرويات إسلامية عن عصور غابرة .
يقال ان عبد الله بن سلول زعيم القوم في يثرب كان له فتيات يجبرهن على ممارسة البغاء مقابل اجر.. كما ان سوق دومة الجندل اشتهر ببيوت شعر لبعض القبائل ممن يكرهن فتياتهم لممارسة البغاء في مواسم التجارة والأيام الوثنية المقدسة عندهم ، كما اشتهرت الطائف كاحد اهم المصايف العربية لرجالات قريش ممن يلجؤون الى ذوات الرايات وانهن انجبن أولادا ادعاهم بعض قادة قريش ممن كان لهم دور كبير في الإسلام .
من طرائف ما يذكره ابن حبيب في كتابه ( المحبر ) ان بغايا كندة وحضرموت من المتهودات والوثنيات خرجن بما يشبه التظاهرة المحناة وهن شامتات بموت الرسول محمد ( ص) .. وقد تحركت قوة إسلامية لتاديبهن فاصطدمت بالمدافعين عنهن حد الموت ، بما يعني ان هناك قوى تدافع عن الحرية الجنسية لكثير من نساء الارستقراطية العربية ..
أخيرا تعد معركة احد من اشهر الحوادث في صدر الإسلام اذ ترتبط بوجه ما بتلك الحرية الإباحية القريشية قبل الإسلام .. اذ تشير الى ان قادة جيش الكفر من قريش اخرجوا نساءهم ومنهن هند بنت عتبة اللاتي كن يتغنين ببيت شعر شهير : –
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
ان تقبلوا نعانق او تدبروا نفارق
بكل ايحاءاته الجنسية وتعابيره الإباحية تم فيه اغراء الرجال على مقاتلة المسلمين مقابل ليال حمراء فيما توعدن المنهزم بالامتناع والمقاطعة الجنسية ..