حكاية‭ ‬الصعلوك‭ ‬سويلم‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭: ‬الباشا‭ ‬سليم‭!‬

في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬الملاك‭ ‬وأصحاب‭ ‬العقارات‭ ‬والأسر‭ ‬الثرية‭ ‬ممن‭ ‬ترك‭ ‬لهم‭ ‬آباؤهم‭ ‬وأجدادهم‭ ‬من‭ ‬الثروات‭ ‬ما‭ ‬تجعلهم‭ ‬يعيشون‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬بحبوحة‭ ‬ويسر‭.‬

وبالطبع،‭ ‬اختلف‭ ‬من‭ ‬ترك‭ ‬تلك‭ ‬الثروات‭ ‬في‭ ‬أشكال‭ ‬وظروف‭ ‬جمعها‭ ‬بين‭ ‬نبيلة‭ ‬ومشروعة،‭ ‬وبين‭ ‬وضيعة‭ ‬وغير‭ ‬مشروعة‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬ونهب‭ ‬وعدم‭ ‬حق‭.‬

كما‭ ‬اختلف‭ ‬أبناء‭ ‬تلك‭ ‬الأسر‭ ‬في‭ ‬تعاملهم‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬الثروات‭ ‬الموروثة‭.‬

ويقوم‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأسر‭ ‬المالكة،‭ ‬ولأسباب‭ ‬شخصية‭ ‬واجتماعية،‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬من‭ ‬يجدون‭ ‬فيه‭ ‬الكفاءة‭ ‬والأمانة‭ ‬لادارة‭ ‬ممتلكاتهم‭ ‬من‭ ‬بيع‭ ‬وشراء‭ ‬وايجار‭ ‬وغيرها‭ ‬مما‭ ‬يدر‭ ‬عليهم‭ ‬غلتها‭ ‬وربحها‭. ‬بيد‭ ‬ان‭ ‬هؤلاء‭ ‬الوكلاء‭ ‬ليسوا‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الكفاءة‭ ‬والأمانة،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يتوقف‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬نباهة‭ ‬وحزم‭ ‬الملاك‭ ‬الموكلين‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬اختيارهم‭ ‬ومتابعة‭ ‬أعمالهم‭ ‬واخلاقيات‭ ‬التعامل‭ ‬معهم‭.‬

وكان‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬هذه‭ ‬المدن‭ ‬رجل‭ ‬يدعى‭ ‬“سليم‭ ‬أفندي”‭ ‬يعمل‭ ‬وكيل‭ ‬عقارات‭ ‬لأسرة‭ ‬ثرية،‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬ملكة‭ ‬وطراوة‭ ‬لسان،‭ ‬وغلظة‭ ‬وقساوة‭ ‬قلب‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭!‬

يحمل‭ ‬سجلاً‭ ‬تحت‭ ‬إبطه،‭ ‬متعوداً‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ ‬المستأجرين‭ ‬بداية‭ ‬كل‭ ‬شهر‭.‬

وكان‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬“سليم‭ ‬أفندي”‭ ‬حياته‭ ‬والناس‭ ‬يسمونه‭ ‬“سويلم”،‭ ‬وبعد‭ ‬مضي‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬وما‭ ‬حصل‭ ‬من‭ ‬تغيرات‭ ‬في‭ ‬شكله‭ ‬ومظهره‭ ‬وبيته‭ ‬وتصرفاته‭ ‬راح‭ ‬الناس‭ ‬يطلقون‭ ‬عليه‭: ‬سليم‭ ‬أفندي،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬بات‭ ‬لا‭ ‬يتجول‭ ‬الا‭ ‬برفقة‭ ‬شاب‭ ‬مفتول‭ ‬العضلات‭ ‬تقطر‭ ‬عيناه‭ ‬شرراً‭!‬

لم‭ ‬تعد‭ ‬زوجة‭ ‬“سويلم”‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تزوجها‭ ‬أيام‭ ‬ضيق‭ ‬العيش،‭ ‬تناسبه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬الطربوش‭ ‬على‭ ‬رأسه،‭ ‬وراحت‭ ‬الدراهم‭ ‬تتراقص‭ ‬في‭ ‬جيبه‭. ‬فبدأت‭ ‬عيناه،‭ ‬تزيغ‭ ‬يمنة‭ ‬ويسرة،‭ ‬حتى‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬زيجته‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬شابة‭ ‬صغيرة‭!‬

تمضي‭ ‬الأيام‭ ‬وأحلام‭ ‬سويلم‭ ‬لا‭ ‬تنتهي،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬أجره‭ ‬يناسب‭ ‬مقامه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الجديد‭. ‬فكر‭ ‬“‭ ‬سليم‭ ‬أفندي”‭ ‬ملياً،‭ ‬وبدهاء‭ ‬وخبث،‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬التلاعب‭ ‬بحسابات‭ ‬ما‭ ‬يشرف‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬عقارات‭ ‬وما‭ ‬يبرمه‭ ‬من‭ ‬صفقات‭ ‬بيع‭ ‬وشراء‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬عائداتها‭ ‬نصيب‭ ‬كبير‭.‬

وتدور‭ ‬الأيام‭ ‬و‭ ‬“سليم‭ ‬أفندي”‭ ‬يعيشها‭ ‬في‭ ‬تطوراتها‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬ووجد‭ ‬فرصته‭ ‬في‭ ‬امكانية‭ ‬وصوله‭ ‬نائباً‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭!‬

قرأ‭ ‬“سليم‭ ‬افندي”‭ ‬ما‭ ‬يستهوي‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬مطالبهم،‭ ‬وبدأ‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬ظلم‭ ‬الأغنياء‭ ‬للفقراء‭ ‬وأصحاب‭ ‬الأملاك‭ ‬للمعدمين،‭ ‬وذهب‭ ‬الى‭ ‬تمويل‭ ‬حملة‭ ‬انتخابية‭ ‬له‭! ‬وكان‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬تمنى،‭ ‬فأصبح‭ ‬نائباً‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬وأخذ‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يتحدثوا‭ ‬عنه‭ ‬الا‭ ‬بلقب‭: ‬سليم‭ ‬باشا‭!!‬

اخوتي‭ ‬العراقيين‭: ‬كم‭ ‬سليم‭ ‬باشا‭ ‬يجلس‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬برلمان‭ ‬العراق؟

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *