يعتمد الاستقرار على مبدأ التوازن وهو من المبادئ الأساسية في كل شيء، ويستند هذا المبدأ على نظام مركب بسيط في تكوينه وصعب في تطبيقه من دون توافر العديد من الأمور التي تُعتبر من مقوماته الرئيسية.

وبطبيعة الحال فإن الموضوع يذهب الى ابعد مدياته عند التطبيق ويحتاج الى مواكبة كل ما يدور في المجتمع سواءً على الصعيد الثقافي او الاجتماعي او السياسي اوالاقتصادي وغيرها، وقد تأتي في مقدمتها الثقافة وهي مقدار الكم الهائل من العقلانية الفكرية وموازنة الفكر البشري مع التصرف الشخصي وتحكيم العقل بعيداً عن الشهوات والنزوات الشيطانية والاجرامية.

اذاً من هنا تنطلق عملية التوازن من صورتها الشخصية الفردية وهكذا وصولاً الى المجتمعية لتجتمع في نهاية المطاف وتصبح من ضمن الأعراف والقوانين المجتمعية وتصبح مسار اجتماعي عند مخالفته تُعتبر من التصرفات الخاطئة المنبوذة وتُشكل نقطة سوداء في تاريخ مرتكبها ليدخل ضمن العُزلة ضمن المحيط البشري.

ومن هذه المقدمة البسيطة في مضمونها والمعقدة في معانيها لاسيما انها تحمل شيفرات ورموز في مقالي هذا والذي أحاول فيه ان ابحث موضوع التوازن النفسي والفكري الشخصي ضمن المجتمع.

وهنا نسأل سؤال لماذا يصبح الانسان مجرماً وهل هي شجاعه ام انها الشعور بالنقص الذي يُكمله التصرف الاجرامي، وماهي مستوياته العليا والدنيا وهل تتقاطع في نقطة معينه؟

وللأجابة على هذا السؤال لابد ان نبحث في التكوين الشخصي الخاطئ؛ فالتصرف المنحرف (اياً كان نوعه) يدخل ضمن دائرة الاجرام البسيط والمتدرج وصولاً الى ما هو فوق المألوف، ولو اخذنا التصرفات البسيطه فأننا سنجد انها كثيرة وكبيرة (ولا يُعتبر الخطأً الغير مقصود فعلاً اجرامياً في المنظور العام) فلو بحثنا بموضوع التشهير لوجدنا ان البعض قد دخل دائرة الاجرام بتصرفات صبيانية متهورة غايتها الأساسية جعل لنفسه مكانة مجتمعية كونه فاقداً لها لاسباب عدة قد تدخل نشأته او تربيته او دراسته او اختلال في عملية البناء الفكري ليصل في قناعته الشخصية بأن هذه الأفعال مكملة لنضوجه ورجولته او انوثتها كون الموضوع عام لكلا الجنسين.

وان اسهل طريق للشعور بالانتعاش الاجرامي في يومنا هذا هو بعض مواقع التواصل الاجتماعي التي يتفنن بعضهم في عملية انشاؤها معتمداً على التكنلوجيا الحديثة والتي وجدت لخدمة البشرية وليس لأيذائهم.

وطبعاً هناك من يطبل لذلك ليس لسبب معين وانما تدخل الأحقاد والشعور بالتلذذ من إيذاء الاخرين او تنقصهم الثقافة الشخصية (وهي مجردة لا تعني مقدار التحصيل العلمي نهائياً) وطبعاً مثل هؤلاء كثر فمن يبحر في عالم تلك المواقع سيجد المشتركين فيها يحملون أسماء مستعارة وصفحات وهمية لانهم لا يجرؤون على المواجهة كونها تحتاج الى شجاعة وهم فاقديها، اذاً فاقد الشئ لا يُعطيه وهنا اصبحنا امام اول انحراف في شخصية هؤلاء وهو الشعور بالنقص والخوف، وطبعاً هذا الموضوع خطر جداً فلا ننسى الأرواح التي زُهقت على يد بعض المجرمين حتى عاشوا اصعب لحظات الخوف والندم وأصبحت حياتهم جحيم حتى نالتهم الايادي الآمنة في دوائرنا الأمنية واصبحوا خلف القضبان ومنهم من نال الجزاء العادل واُعدم.

والموضوع يسري ايضاً على من يمتهن عملية الاغتيال المعنوي لشركائهم في المجتمع.

لذا اليوم نحتاج الى عملية توازن ما بين قوى الشر وقوى الخير المتمثلة بالجهات المختصة في مكافحة الجريمة الالكترونية وذلك من خلال وضع خطوات جادة وعملية للسيطرة والهيمنة على تلك المواقع كونها تؤخر الابداع ولا تمنعه، تُشوشر ولا تؤثر، تُطبل ولا تُطرب، ولكنها جريمة بكل مفرداتها وصفاتها وهي حالها حال اطلاق العيارات النارية في الهواء لاتؤثر ولكنها ممنوعة..

وهي دعوة جادة (ضمن عملية مكافحة المحتوى الهابط (العشوائي)) لتنظيف المجتمع من هؤلاء المجرمين والذين سيكون مصيرهم الندم وفق ادانة مجتمعية لأن عشوائيتهم قد تستهدف أي فرد او عائلة بدون استثناء، فاليوم لك وغداً عليك…

{استاذ مساعد دكتور لواء

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *