تعرضت تركيا مطلع شباط الماضي لزلزال جعلها هي وسورية دولاً منكوبة، وبدأت حملات الإغاثة تتوالى على البلدين وكذلك الزيارات من بعض الوفود والقادة المسؤولين، ومن بينهم وفداً باكستانياً رفيع المستوى ولكن بدلا من الاهتمام بمحنة الضحايا انتهى بهم الأمر إلى استغلال اللقاءات لفتح ومناقشة مواضيع خاصة حول مشاكل باكستان الداخلية مع القادة الاتراك.
على الرغم من أن باكستان مدت يد العون الى تركيا الا أن هذا لم يغير الطريقة التي نظر بها العالم إلى سلوكها الغريب اثناء كارثة الزلزال حيث تم لفت انتباه وسائل الإعلام إلى تعامل الحكومة الباكستانية مع أزمة المساعدات الإنسانية على الصعيدين الدولي والمحلي، فبينما كانت دول العالم تتسابق لمساعدة تركيا شوهدت المؤسسات الباكستانية والقادة الباكستانيون بأنهم يقدموا أجندتهم الخاصة بشأن الموضوعات المتعلقة بالانفصال مثل قضية كشمير في خضم هذه المأساة.
انتهى الأمر بالاستجابة الباكستانية للزلزال إلى أن تكون فرصة للفساد والاستغلال من قبل مؤسساتها ومسؤوليها، وتفتقر إلى الرعاية الحقيقية للضحايا في تركيا وكانت إدارة عمليات الإغاثة محفوفة بالخداع، حيث كان رئيس الوزراء نفسه في قلب النزاعات بعد الحادث وشعر بأنه مضطر لزيارة أنقرة لكن السلطات التركية رفضت ذلك واصرت بقوة على تأجيل الرحلة لوقت تكون فيه الظروف أكثر ملاءمة.
انتشر هذا الخبر والذي اعتبره البعض (توبيخاً) كالنار في الهشيم على قنوات التواصل الاجتماعي، وفي وقت لاحق كانت هناك مظاهرات من قبل الباكستانيين العاديين الذين سخروا من رئيس وزرائهم لتجاهله المشاكل الاقتصادية في البلاد وانشغاله بموضوع السفر إلى تركيا وهذا ما حدث فعلاً اذ غادر في 16 من شهر شباط 2023 وحدثت خلافات داخلية حول رد فعل تركيا التي تعاملت ببرود مع الحكومة الباكستانية في إشارة الى ان أولويات الحكومة التركية الآن هم ضحايا الزلزال، ولهذا السبب تمت محاسبة وزيرة الإعلام الباكستانية على الكشف قبل الأوان عن زيارة شريف من خلال حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
هناك امراً جعل الأجواء تزداد سوءا، فبسبب المساعدات التي قدمتها السلطات الباكستانية في إدارة البعثة الإنسانية، اكتشفت السلطات التركية ثم قالت إن المواد الباكستانية كانت في الواقع مساعدات تم تقديمها للباكستانيين عام 2022 اثناء حملة الإغاثة العالمية بسبب الفيضانات التي اجتاحت باكستان.
مسار الأحداث أظهر أن باكستان كانت تنوي استخدام الوضع التركي لتحقيق مكاسب تكتيكية قصيرة الأجل وذلك لأن الحكومة قد أخذت عدداً كبيراً من الموارد من سكانها العاجزين من أجل القضية وهذا كان مثيرا للسخرية، وفي شباط من هذا العام ووفقاً للأخبار العالمية وجد الموظفون الباكستانيون فجأة بأنهم يخسروا ما يقارب نصف مرتباتهم الشهرية بحجة انهم ملزمون بالمساهمة في حملة الإغاثة التي تقوم بها حكومتهم، وجرى هذا الاستقطاع دون أي اشعار حكومي مسبق وعارض الموظفون في إقليم بلوشستان هذا الامر لأنهم تأثروا وتأثرت معهم ظروفهم الاجتماعية مشيرين إلى أن الأزمة الاقتصادية الحالية والتضخم المالي كان لهما بالفعل تأثير سلبي كبير عليهم، كما كانت هناك مزاعم بالفساد في إدارة الأموال التي تم جمعها للقضايا التركية. وبسبب محاولتها لإدارة الاستراتيجية الدولية والداخلية في الوقت نفسه فقد اثارت حكومة باكستان الاستغراب ليس فقط من دول العالم وانما أيضا من شعبها.