اصدر المشرع العراقي قانون واردات البلديات رقم (1) لسنة 2023 ونشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4708) في 20/2/2023 ولنا على هذا القانون الملاحظات الاتية :
1- نصت المادة (1) منه على مصادر واردات البلديات ومن هذه المصادر الرسوم المنصوص في الجدول الملحق بالقانون ، وبالرجوع للجدول المذكور وتحديداً القسم السادس الخاص برسم ممارسة المهنة لوحظ ان القانون فرض رسم مقداره (10) بالمئة عشرة من المائة من بدل الايجار السنوي لمحل العمل او المهنة ، وذكر (150) مهنة مما يفرض عليها مثل هذا الرسم ، الا ان المشرع اغفل ذكر بعض المهن المستحدثه التي طفت على سطح سوق العمل العراقي لم تكن موجودة سابقه وهي تدر ارباح عالية لممتهنيها دون ان يكون لهم محل عمل لممارسة المهنة ، ومن هذه المهن على سبيل المثال لا الحصر مايعرف في صفحات التواصل الاجتماعي بـ ( بالبلوكرية ) و (والفانشستات) ، حيث اعتاد ممتهني هذه الاعمال على ترويج الاعلان لماركات صناعية تتعلق بمواد التجميل والملابس وغير ذلك باجور باهضة مستغلين كونهم من الشخصيات الاعلامية او العامة ، وان لهم من المتابعين على صفحاتهم الشخصية ما يساعد على الترويج لهذه الماركات في الاسواق والمتابعين وبمبالغ عالية تتناسب طردياً مع عدد المتابعين دون ان يكون لهولاء محل عمل معلوم ومثل هذه الاعمال تحمل الصفة التجارية ينبغي للمشرع الالتفات اليها لانها اصبحت ظاهرة متشرية في سوق العمل العراقي .
2- نصت المادة (12) من القانون المذكور على تعديل البند (ثامناً) من المادة (9) والبند (ثانياً) من المادة (12) من قانون هيئة السياحة رقم (14) لسنة 1996 وهذا البند يمثل صلاحية ممنوحة لرئيس هيئة السياحة بموجب قانون الهيئة لتحقيق اهداف الهيئة ومن هذه الصلاحيات منح الاجازات والتراخيص لتاسيس المرافق السياحية كالمطاعم والفنادق والشقق والدور السياحية ومكاتب وكالات السفرواماكن اللهو …الخ ، حيث عدل قانون واردات البلدية قانون هيئة السياحة برفع (اماكن اللهو ) من ضمن مفهوم المرافق السياحية ، في حين يفترض لو كان لدى المشرع مثل هذا التوجه لرفع اماكن اللهو والنوادي الليلية من قائمة المرافق السياحية فيفترض ان يعدل قانون هيئة السياحة بموجب قانون تعديل ، لا ان يعدله بقانون واردات البلديات ، كما يفهم من رفع (اماكن اللهو) من مفهوم المرافق السياحية حظر هذه الاماكن لعدم وجود سند قانوني لوجودها ، وبذلك تنتفي احد مصادر واردات هيئة السياحة الممولة ذاتياً من خلال ادارة وتوجيه المرافق السياحية ومراقبتها ومنح الاجازات والتراخيص.
3- نصت المادة (14/ اولاً) من القانون على حظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة انواعها ، وهذا النص الذي حشر حشراً في قانون واردات البلديات يثير عدة اشكاليات تشريعية اولها مخالفته للدستور وتحديداً المادة (3) من دستور جمهوريه العراق لسنة 2005 التي نصت على ان ( العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب ) ، وان هنالك بعض الاديان تسمح لمعتنقيها بشرب الخمر ، واذا انبرى احد المدافعين عن هذا النص بالقول بان المادة ( 2/ اولا /أ) من الدستور نصت على ان الاسلام دين الدولة الرسمي وهو يحرم الخمر وانه لايجوز سن تشريع يتعارض مع ثوابت الاسلام ، فنرد عليه بان الفقرة (ب) من ذات المادة نصت بعدم جواز سن تشريع يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية في هذا الدستور ، كما ان البند (ثانياً) من المادة (2) من الدستور نصت على ان الدستور يكفل كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية للمسيحيين والايزيديين والصابئة المندائيين ، ومن المعروف ان التعاليم الدينية للمسيحيين لاتحظر الخمر ، وبذلك يكون هذا النص متعارضاً مع الدستور ، فالدستور منع سن تشريع يتعارض مع ثوابت الاسلام وعلى حد علمنا لايوجد تشريع يبيحه ، ولم يصدر لحد الان تشريع من مجلس النواب يبيحه ، فالمنع ورد على السلوك الايجابي للمشرع باصدار تشريع يخالف ثوابت الاسلام ، ونتوقع في حال الطعن بعدم دستورية هذا النص ان يتم الغاءه من قبل المحكمة الاتحادية العليا ، كما ان هذا النص يتعارض مع الخصوصيه الشخصية التي كفلها الدستور في المادة (17) منه لكل فرد اي كانت ديانته ، كما يلاحظ ان القانون حظر استيراد وتصنيع وبيع الخمور الا انه فرض في ذات الوقت رسم ممارسة المهنة على النوادي الترفيهية والاجتماعية ، ومن المعلوم ان هذه النوادي وان كانت تصنف اجتماعية فهي تقدم انواع المشروبات الروحية لمرتاديها وهو احد مصادر تمويل هذه الاندية ، ناهيك عن الاثار الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة بلجوء الشباب الى مهاوي المخدرات …والله الموفق