خلال الايام القليلة المنصرمة ، اعلنتُ فشلي في مواجهة الأنفلونزا ، التي طرحتني في الفراش ، بضربة اشبه بالقاضية ، لم اقوى على فعل اي شيء بسيط ، ورغم معاينة اكثر من طبيب اختصاص ، وتنوع الادوية ، لكنها ابت ان تفك عني ، فبات نهاري كئيبا ، وليلي اعيشه موحشاً ، تتقاسمه الهواجس ، حتى الألم لم استطع البوح به للمقربين أليّ ، حيث فقدتُ كل شيء ، فقدتُ السرور وفقدت الحزن ، وشعرت ان احدا قذف بي في بقعة زيت ، فدخل بغتة بين الجفن والعين فانزلقت الدنيا من حولي , وحجبت عتمة الزيت كل الرؤى.
وأمام ( المحنة ) أبعدكم الله عنها ، وآثارها التي ما زالت باقية حتى الان ، متحدية كل التحوطات والتحذيرات .. كان السؤال يلح عليّ ، فسألت الطبيب اثناء معالجتي : ماهي سبل الاحتراز من هذا الضيف غير المرحب به، واقصد (الأنفلونزا) .. كان الجواب ، ان تغيير الجو في العراق ، يزيد فرص التعرض للتقلبات المزاجية ، وتكثر الامراض الصدرية ، وآلام القصبات ، وهذا التغير ، لا مثيل له ، فهو يتحول فجأة ، من برد قارس ، الى حار ، وهذا يؤثر على جسم الانسان ، فتختل ساعته البيولوجية ، او ما يسمى بإيقاع الجسم اليومي، وهي عملية حيوية تتم على مدار 24 ساعة ، فالتغيير المناخي الحاد الذي يضرب العراق منذ مدة ، ازاح فصلي الربيع والخريف من خارطته الجوية .. وقد أثر ذلك بشكل ملحوظ على البنية الصحية للمجتمع .
وقد بين لي طبيبي ، ان دوران الفصول التي حباها الله للبشرية ، بأوقاتها المعلومة ، يعني الطمأنينة الصحية للإنسان ، حيث يساعد ذلك على ضبط مستويات الهرمونات بالجسم، فتصبح الغالبية العظمى أكثر حيوية ونشاطاً، وتعرضها للأمراض والفيروسات قليلة ، وتكاد تكون معدومة ، وفي خلاف ذلك ، فالأمر يكون معكوسا ، مثلما يحدث حاليا عندنا.. حيث نلاحظ اختلاف الحالة المزاجية للشخص وزيادة حالات الاصابة بالاكتئاب أو اضطرابات القلق ، ويراجعنا العديد من المرضى الذين يشكون الإجهاد والتعب، وزيادة معدل الشعور بالضغط العصبي والتوتر بصورة واضحة وفقدان المتعة في ممارسة الأشياء المحببة
اكتفي بهذا القدر من السطور ، وعذرا للقراء الاعزاء الذين اقحمتهم بما عانيت ، وآمل الصفح من الذين تواصلوا معي وكان حواري معهم جافا ، على غير العادة ، مثل جفاف حنجرتي ..
يبقى الدعاء مشرعا .. يا رب اعد لنا فصول السنة ، كما عودتنا طوال العقود ..
[email protected]