عاشت مريم كما نساء كثيرات في تلك الفترة الزمنية تحت سطوةِ رجالٍ لا ترحم ترى أن المرأة مجرد خادمة مطيعة للزوج من جهة، وتحت سطوة طالبان من جهة أخرى!

كما وتتحول حياة طفلة مدللةٍ من قِبلِ والدها الذي بنى عليها آمالا وأحلاما من النجاحات ورسم لها طريق العلم للوصول، وبعيدة عن والدتها التي تحبس نفسها في غرفتها وسط ظلامها وكآبتها حزنًا على طفليها الشهيدين.

وصديقة وفيَّةُ، ومن بعدها حبيبة صادقةٌ لطارق، الشاب الذي بتِرت إحدى قدميه بفعل الحرب، إلى جحيمٍ وتنقلب رأسًا على عقِب!

ليلى ومريم من جيلين مختلفين تمامًا، لكلٍّ منهما حياتها وأفكارها وطِباعها الخاصة والمختلفة عن الأخرى، يجمعهما القدر تحت سقف واحدٍ، تبدأ علاقتهما بالبرود ولا تلبث بفعل الظلم الواقع عليهما حت تذوب قطع الجليد وتصبح العلاقة بينهما حميمة كعلاقة أم بابنتها.

تتحملان معًا ظلم رشيد، ومن ثم الشباب المقاتلين ومن بعدهم طالبان وفترة القحط والجوع، تجد كل منهما ملاذها عند الأخرى وتربيان الطفلة عزيزة على المحبة.

من أقسى المواقف التي مرت علي في الرواية هي أن الأمهات ومن شدة الفقر والجوع صارت تأخذ الأطفال بأيديها لتودعها في دور الأيتام فقط حتى يتمكنوا من الحصول على وجبات الطعام!

أي حياةٍ قاسية تلك التي تجبر الأمهات على التخلي عن أبنائهن حتى لا يخطف الجوع حياتهم؟

صورت لنا هذه الرواية النفس البشرية الجشعة والظالمة، التي قد تكذب في سبيل الحصول على ما ليس لها بكل جرأةٍ ووقاحة!

وصورت أيضا النفس البشرية التي تكذب فتتلاعب بعواطف الآخرين لتواري سوءة ذنب اقترفته، فتكسر بالخواطر وتصنع من الخيبة عقبة لا مجال للمسامحةِ بوجودها!

وصورت لنا أيضا الحب الصادق النقي الذي لا تقتله حربٌ ولا مسافاتٌ ولا عمرٌ كاملٌ تم عيشه بدون الحبيب، بالنهاية الحب الحقيقي لا يموت مهما كانت الظروف.

كما وتحدثت لنا هذه الرواية عن تاريخ بلدٍ كاملٍ بأجيال متعاقبة من خلال الأحداث التي دارت بين شخوصها، والأحلام التي بُترت أطرافها وتحول بعضها لجثثٍ هامدة كالتي كانت فوق أراضي كابل أيام الحرب!

رغم استمتاعي بقراءة صفحات الرواية إلا أني لم أتمكن من منع نفسي عن بكاء ذلك الوطن الذي عانى من الظلم ما عاناه، وبرغم ذلك بقي شعبه يتغنى بحبه وبِألف شمسٍ ساطعةٍ فيه من الأمل بحياة مشرقة.

 

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *