الصورة أصدق أنباء من الكتبِ ، في حدها الحد بين الجد و الهزل ، عذراً ابو تمام ، كثير من الفلاسفة والفنانين والعباقرة غيروا التاريخ ، رغم المرض والاعتلال الجسدي ، هم يتحدون المحن ، ويعاندون الزمن ، لم يكونوا حاقدين و لا ساخطين ، بل منشغلين بالحديث مع انفسهم رغم ذلك الصراع ما بين العجز والمقدرة ، وكأن هذا الصراع الذي عاشوه دفعهم الى النبوغ و الابداع ، وانعاش الخيال و شحذ الهمة وتحفيز المخيلة ، وضبط الخطوات على الطريق
انه نوع من التعويض دفعهم الى الاكتشاف و الابتكار بعد عجز الوسيلة .
هوميروس كان ضرير ، بتهوفن رغم ذلك اليأس كان اصم لكنه سمع بقلبه سيمفونيته الاخيرة ، بودلير كان ابكم ،مايكل انجلو كان أعسر ، مترجم الالياذة احدب ، وعلى نفس المنوال المخرج الامريكي روبرت ويلسون ، الذي عانى من صعوبات في النطق فاجاد لغة الاشارات للصم و البكم ، والتي كانت عروضه السريالية ضمن التيارات التجريبية المعاصرة تعتمد على التشكيل الصوري والابهار البصري ، كان يؤمن بقوة الفن الشافية وخصوصاً لدى اطفال ذوي الاحتياجات الخاصة فالكلمة تموت بعد نطقها و الصورة تبقى حية ، واكثر مصداقية منها باعتبارها لغة تواصلية مؤثرة لانتاج المعنى ،؟وكون ان السرد مفهوم أدبي بعد ان تغيب اللغة و يتعطل الحوار في العرض المسرحي .
يظهر السرد الصوري صورة حية تثير ذهن المتفرج ، وتحفزه على عملية قراءة الصورة القادرة على السرد في فضاءات الخيال ، علناً بتشكيلاتها المعبرة ، صناعة اعتمدت قوة الصورة البصرية و جودتها على شبكة من التكوينات والعناصر التقنية والسينوغرافية ، مع مزيج من السحر اللوني ، و الرمز و الطقس ما بين كشف و اظهار وابهار ، لتقدم نصاً صورياً كوسيط يفهمه الجميع ، لقد وجد الفن ضالته في الصورة منذ القدم ، وذهب بعض الفنانيين بايمان صوفي كونها تجربة فردية واجتهاد ذاتي ، لتنطلق عروضهم بطقوسها وطاقاتها الى فضاء قراءات متعددة ، عندما تتغير العروض الى لا مألوف وكل ماهو غرائبي ، ترتقي الذائقة ويرتقي الاحساس الجمالي لتنتج صورة قادرة على المحاكاة ، فتكون معادلاً صورياً للسرد ، باعتبارها نص العرض المرئي .