بقلم | علاء حمد
بالرغم من سريالية بعض اللقطات الحالمة وانحدارها نحو الغرائبية في تكوين الصورة السريالية لدى الشاعر سركون بولص، إلا أنّه استطاع أن يطعم تلك اللحظات الحالمة بالمعاني والتي كانت شغله الشاغل وذلك بإيجاد المعاني في الصور الشعرية ومنها السريالية والرمزية، فلو لاحظنا، نجد أنّ الشاعر جلّ اهتمامه بالرموز البسيطة وكذلك بالأحلام التي تؤدي إلى معاني وتأويلات في القصيدة الحديثة، حيث أنّه استطاع عبور غرفة الغموض في الشعرية والدخول إلى ألعابها ومبدأ ( المعنى بقلب الشاعر )، فمثل هذه المقالات لاوجود لها بالنسبة للشعراء الذين امتازوا بلغة شعرية ممغنطة مع المعاني وفك رموزها وكذلك تطعيمها بما هو في واقع الحال. وتميل الصورة الشعرية إلى طرائق معينة في رؤية الواقع وفي إدراك الفن والحياة؛ فالصورة هي المنظور المركزي للنصّ الشعري، من ناحية جزئية الصورة أو تكاملها على هيئة جسد للقصيدة كلـّها، وبداية من العنونة إلى آخر نقطة مرسومة. ( تتصف الصورة السريالية بالطبيعة الحلمية، وما تحتويه من تشتت وتقطّع وانفلات، فالحلم هو المعبر الحقيقي عن حالات النفس وشأنه في هذا شأن الشعر لأنّ النفس تجري فيه طبقا لسجيتها بعد أن تنفكّ عنها. ” ” ).
ذهب السرياليون إلى الخيال عند الحلم في حالة النوم وإلى الحلم في حالة اليقظة، والأحلام عند النوم أكثر عجائبية وأكثر خيالا، وهي تسبح على بحيرة من الخيال؛ وتبدو الصورة في هذا المجال رابطة بين الخيال والإدراك، فتفسير الحلم شعرا، هذا يعني أن الشاعر أوجد مالا يوجده غيره، وكذلك تفسير الشعر خيالا، وهذا يعني أن الشاعر وحده في غرفة الخيال ولا يشاركه ” المسعفون أو أصحاب اليقظة والنصائح المتكررة ” فهو في عالم لم ينتم إلى عالم غيره.
فقد كان فيثاغورس اليوناني ينظر إلى الشعر، قديما، على أنه هندسة صورية ونفعية في آن، أي أن القصيدة ليست سوى تركيب صوري بإيقاعات وأوزان محددة. وكان يقول إن الكون برمته ليس سوى “نغم وعدد”، وتحدث عن موسيقى الفلك. ومثله أرسطو في كتابه ” كتاب الشعر” وأفلاطون في “المائدة “، فهما يعولان على الصورة في فن الشعر، وهي لدى أفلاطون، بنت المخيلة، وتدخل كعنصر من عناصر تمثيل الواقع أو مثاله.
لابد للصورة السريالية أن تكون محلّ إيقاع مركّز حول اللاوعي، والشرود بالذاكرة بأحلام غير منتظمة، والصورة هي خير دليل على المعرفة المرئية واللامرئية بالنسبة للمنظور السريالي والغوص في سيرته الذاتية، فالذاتية لها الأثر الفعال في هذا المنظور وإلا فإنّ الكتابة السريالية لايمكن اشتقاقها إلا من خلال الأحلام. وتتدخل الذات الحقيقية في لغة الأحلام المرصودة، حيث أنّها تشكّل عالما خاصا بالشاعر.
…
..
من كتاب آليات الخطاب الرمزي
في تجربة الشاعر العراقي سركون بولص