تعتاش كثير من الأحزاب السياسية في البلدان الديموقراطية، على البحث عن القضايا الحساسة، التي تتخذها مادة دسمة لمخاطبة جماهيرها.
التعاطي مع تلك القضايا يختلف حسب مقتضيات المرحلة، سواء من ناحية التبني لها أو رفضها..
على سبيل المثال تركز بعض الفعاليات التي تتافس انتخابيا، على مشكلة الحد من البطالة، او القضاء على أزمة السكن، وأخرى تذهب لتعزيز الإقتصاد الوطني، او معالجة الخلل في المنظومة الأمنية، وهي ملفات مشتركة في اغلب الدول، التي تحتكم لمزاج الناخبين في تشخيص المصلحة، وتمييز الجهات التي يعتقد بجديتها، في معالجة هذا الملف أو ذاك.
في الآونة الأخيرة شهد الشارع العراقي، دعوات خجولة لرفض التطبيع، بإعتباره أحد الملفات المطروحة على الساحة السياسية، ودخوله كعامل مهم في تحديد بوصلة الصوت الانتخابي وصراعه، الذي سيشهده العراق نهاية العام الحالي.
السؤال الذي يراود اغلب المتابعين، يتعلق بحقيقة تلك الإشاعة ومدى واقعيتها؟ وهل هي، قضية حقيقية، أم إنها زوبعة إعلامية، تثيرها بعض الجهات التي تيقنت من افلاسها سياسيا، وتحاول لملمة واقعها الجماهيري المتشضي، لتعود الى واجهة المشهد، بعد أن كان للتخبط في إتخاذ قراراتها، أثره في ابتعادها عن واجهة الأحداث؟!
للإجابة على ذلك لابد من تسليط الضوء على تفاصيل الحالة العراقية، ومن ثم الخروج بنتيجة، تثبت او تنفي حقيقة الدعاية، التي توحي بوجود رغبة عراقية للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
من الناحية العقائدية نجد ان الشعب العراقي، من أكثر الشعوب الإسلامية الرافضة لوجود هذا الكيان، والدليل على ذلك مواقف المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، ومنذ إنشاء هذا الكيان في جسد الأمة الإسلامية وإلى يومنا، والتي تعد الموجه الحريص والمشخص الدقيق لمصلحة تلك الامة، والمعبر عن ثقافة ابناءها، خصوصا من أتباع أهل البيت عليهم وألهم السلام، حيث اتسمت بالرفض لهذا الوجود، والمؤيد لنضال الشعب الفلسطيني، والداعم لأغلب حركاته الجهادية.
من الناحية الدستورية فإن الواقع العراقي محكوم، بالعقد الدستوري المتفق عليه، والذي ينص على عدم معارضة توجهات الشعوب الإسلامية والعربية، وطموحها للاستقلال والتحرر.
اضافة إلى ان انتماء العراق القومي للعمق العربي، الذي يشهد إجماعا على معاداة إسرائيل، بغض النظر عن توجهات الأنظمة الحاكمة.
ناهيك عن التعددية الفكرية والسياسية والثقافية، التي يشهدها الواقع العراقي، وغلبة الأيدولوجيات الرافضة للاعتراف بإسرائيل، فضلا عن التطبيع معها، تجعل من التفكير بذلك ضرب من الخيال، واوهام منشئها التشويه على حالة الاستقرار السياسي الذي يشهده البلد، خصوصا بعد تصدي حكومة السوداني لقيادة المرحلة، ومحاولة التقليل من حجم التأييد لخطوات حكومته، في ترميم البنية المكوناتية، وتقريب وجهات النظر، ناهيك عن مساعيها الإيجابية في البعد الخدمي، والعلاقة المميزة مع دول الجوار، والاستثمار الصحيح للمتغيرات الدولية لصالح الوضع العراقي.
تلك الحركات العشوائية وغيرها، ماعادت تجدي نفعا في التأثير على قناعة المواطن، بعد سنوات من التجارب الفاشلة، والتي كان وقودها بالدرجة الأولى الإنسان العراقي، وقوته ومصيره وأمنه، سيما وإن لعبة التسقيط السياسي والاتهام العبثي بلا دليل، باتت مكشوفة لأبناء الشعب، الذين كانوا هدفا للنفعيين، الذين تعمدوا مصادرة الوعي، باستغلالهم البشع للبعد العاطفي للبسطاء من الناس.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *