العصافير، كما هو معروف، حيوانات صغيرة تستطيع الطيران، تعيش في أعشاش تبنيها على أغصان الأشجار، وأحياناً في حجرات صغيرة في بعض الزوايا. تطير اليها، لتحتمي وترتاح وتنام.
وهي من الطيور المعروفة بصغر حجمها وخفة حركتها، ولون ريشها البني المائل الى الاصفرار. ما أن نثر حباً أو شيئاً مما تحب أكله الطيور حتى تراها انقضت عليه من كل حدب وصوب، وهي تزقزق وتتنافس على اقتنصاص ما وقع على الأرض من حبات وغيرها مما يمكنها التقاطه.
بيد أن العصافير، رغم صغر أحجامها وقصر عمرها وقلة حيلتها تعيش عالمها الخاص. فهي تطير في جماعات ولها بالطبع لغة تخاطبها الخاصة على قدر مفهوميتها الحسية الضئيلة التي تحمي نفسها بها تجاه ما تحسه من أخطار. فكم نجد عصافيراً تهرب بمجرد إحساسها بوجود صياد أو قطة بقربها!
هذه الكائنات اللطيفة أراد رجل مخابرات متخصص في مجال الذكاء الاصطناعي أن يستغلها في تحقيق مآربه. وهكذا تمكن من الايقاع بثلاثة عصافير والسيطرة عليها في أقفاص خاصة وكذلك من زرع شرائح الكترونية متنوعة الوظائف دقيقة جداً في رؤوسها للاستعانة بها في أعماله التجسسية والاستخبارية في إطار التمكن من توجيهها.
تلخصت خطة عمله بأن يقوم بإرسال تلك العصافير يومياً الى مبنى سفارة لدولة كبيرة ذات فضاءات تتوسط فناءها حديقة واسعة انتشرت فيها بعض الأشجار التي تجتمع يومياً على أغصانها مجاميع من الطيور ومنها عصافيرنا الثلاثة.
وكانت تلك العصافير الثلاثة قد تنوعت في استخداماتها، وعلى النحو التالي: عصفور يحمل شريحة تمكنه من التنصت الخارق وتخزين ما يسمع. وثان يتمكن من التقاط صور دقيقة وعن بعد عشرات الأمتار وعبر نوافذ الغرف الكثيرة في المبنى. وثالث يحمل شريحة تتمكن من ارسال نوع من الذبذبات الالكترونية التي يمكنها تشويش اتصالات مبنى تلك السفارة عندما تقتضي الضرورة.
وهكذا بدأ يحصل صاحبنا على معلومات مهمة جداً وهو جالس في غرفته وأمام شاشة حاسوبه! استرخيت بعض الشيء على كرسي الهزاز ورحت متأملاً لمشاهد في افلام مصرية كيف كان يعمل المخبرون وهم يخفون وجوههم خلف صفحات الجرائد وفي الأفلام الأجنبية في جواسيسها وباروكاتهم ونظاراتهم السوداء وكيف كنا نعجب بذكاء وبراعة وشجاعة العميل السري جيمس بوند، وما كان يتعرض له من مخاطر!
برلين