شتان بين ما كان وما هو عليه الآن كل شيء اختلف وتغير ولم يعد جميلاً كما كان تغيرت الملامح والقلوب والافكار وايضاً تغيرت ايامنا وأعوامنا وتغيرت تسميات الأشياء والأماكن والأطعمة بل وحتى المهن كذلك تغير الشهر الفضيل فرق كبير بين شهر رمضان الذي كان زمان وبين شهر رمضان الآن ليس لان العيب في الزمان بل العيب بمن يعيش في هذا الزمان .في زمن التكنولوجيا اصبحت العادات الرمضانية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتصوير والتباهي حتى الأشخاص الذين يقدمون على فعل الخير يلجأون للتصوير وكأن الأمر أصبح اثبات حالة امام الملأ متناسين ان علاقة الانسان بالله علاقة ربانية مباشرة من الله للعبد ولا يوجد وسيط بينهما ففي زماننا هذا اصبح الشعور الأنساني معطل وجوف الأنسان خاوي لم يعد يريد الخير بقدر ما يريد الأضواء والشهرة والتفاخر الى اين الشعور بالغير..؟الى اين صلة الرحم ..؟الى اين الايمان المخلص لله دون غايات دنيوية..؟

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تعلمون)

كان صيام شهر رمضان مقروناً بالنوايا الحسنة والقلوب العامرة بالأيمان وطمعاً بمحبة الله أساسه فعل الخير والتقارب الأسري والتواد بين الأفراد وديدنه تعميق صلة الرحم والتخلص من الفجوات المتعلقة بالفقر والغنى والطبقات الاجتماعية التي ابتدعها البشر قبلاً لم يكن موجود اي ركن رمضاني في اي منزل عراقي ولم يكن هناك ركن مليء بالتحف ومزخرف وفيه فوانيس تشير للشهر الفضيل ركن مليء بكل شيء الا المحبة الخالصة لله فهذا الركن وجد للتصوير والتباهي لكن كان يوجد في كل بيت غرفة يجلس فيها جميع افراد العائلة يجتمعون ليمارسوا طقوس الشهر الكريم يصلون ويتعبدون ويقرأون القران أجمل ما في هذه الايام العفوية المطلقة حيث يحكي فيها الكبار قصص للصغار تحمل الكثير من العبر والعظات تجعل افراد الأسرة يجلسون ساعات طويلة دون كلل ولا ملل حتى ان هذه القصص قد طبعت بالأذهان ومازال جيل بأكمله حتى اليوم يذكرها بل ويطبقها حرفيا في حياته.كان في ذاك الزمان.. الجار قبل اهل الدار من باب المسؤولية والمحبه كانت ربة المنزل تفكر بدورها الكريم اتجاه جارتها لعل الجار لم يكن لديه ما يكفي من طعام ولعله لا يملك النقود الكافية للأفطار .. لذلك كانت تخرج من كل دار قبل الافطار (صينية) عامرة بالطعام فيها ما لذ وطاب والأمر الطريف ان هذه (الصينية)تعود محملة بأكثر مما كان فيها اما في هذا الأوان اصبح الاكل يرمى على الارصفة ولا يذهب للجار.عندما كان شهر رمضان مرتبط بالعبادات والتقرب لله وحب الخير كان باب الدار مفتوح للجميع دون ارسال دعوات للحضور كانت البيوت عامرة بالمحبة والنقاء وصوت القهقهات تسمع خلف الابواب لم يكن هناك زي رمضاني محدد ولا ملابس خاصة بأستقبال الضيوف ولا عادات مرتبطة بما يملك الشخص من نقود وملابس واطعمة متعددة لان سمة الشهر الفضيل ليس التفاخر بل الشعور بالغير . في هذا الشهر المبارك شهر العتق والغفران وجب التذكرة ان هذا الشهر الذي صنفه الله هو الاهم بين الاثنا عشر شهراً لما فيه من فوائد واهمية للمسلم؛ من حيث تهذيب النفس والتقرب لله وشعور المسلم بأخيه المسلم ومد يد العون للفقير وتقديم ما يلزمه من غذاء وكسوة وغض البصر عن الغير وترك المحرمات وزيادة التلاحم الاسري وتوثيق صلة الرحم والتأمل في قدرة الخالق وكلماته التامات في القرآن الكريم ولجم النفس من الوقوع بالمعاصي والتأكيد على الشعور بالفقير والمحتاج وذلك بالتقليل بأصناف الطعام والشراب والزهد والصوم عن اللغو والتقرب لله فمن هنا تأتي اهمية الشهر الفضيل وليس بما نعيشه الأن من تناقضات ليس لها علاقة بالشعور بالفقير بل وكان الغاية إغاظة الفقير وايلامه لذلك لنراجع انفسنا قليلاً ونغير افكارنا لعلنا نعيد لنا شيء من انفسنا الضالة ونصل للسلام الداخلي دون ان نعيب الزمان ونعيب الجيل الذي لا يعرف الكثير عن ماهية رمضان واهميته.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *