الكاتب محمد حسين المياحي
راهن ويراهن القادة والمسٶولون في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على العامل الزمني من أجل فرض أفکارهم وقيمهم وتوجهاتهم و”دحر” أعدائهم وخصومهم في الداخل والخارج کما زعموا ويزعمون، وهم دأبوا على التأکيد بأن الشعب الايراني متمسك بأفکارهم وقيمهم التي يدعون إليها وبدفاعه عن نظامهم، في وقت إن العالم کله قد رأى بأم عينيه کيف إن الشعب الايراني قام بأربعة إنتفاضات عارمة هتف فيها بالسقوط لهذا النظام وبالموت للولي الفقيه الى جانب مهاجمته للمراکز الدينية والامنية للنظام بما يثبت ويٶکد إن الشعب قد ضاق ذرعا بهذا النظام ولم يعد مستعدا لتقبل أفکاره وقيمه التي صارت مکشوفة وخصوصا بعد إفتضاح مدى فساد القادة والمسٶولين في النظام وکيف إنهم قد قاموا بنهب وسرقة أموال ومقدرات الشعب الايراني من أجل خدمة أهوائهم ومصالحهم الضيقة الخاصة.
بعد أن تمکن تيار خميني المتطرف في الثورة الايرانية من الاستحواذ على الثورة وسرقتها من أصحابها الحقيقيين وتحريفها عن مسارها الثوري الانساني، فإن خميني وفي کلمة له ألقاها في 1 مارس 1979 قال: “بالإضافة إلى أننا نسعى إلى إنعاش حياتكم المادية، فإننا نسعى أيضا إلى رفع روحكم المعنوية، حيث أنكم في حاجة ماسة إلى رفع الروح المعنوية”، فإنه قد زعم بأن نظامه إضافة الى إنعاشه للحياة المادية، سيقوم برفع الروح المعنوية للشعب الايراني أيضا، ومع إن هناك من إنبهر وتأثر بمزاعم خميني هذا وتصور بأن الحياة في إيران في ظل نظام ولاية الفقيه بجانبيها المادي والمعنوي، ستغدو الحياة المثالية التي حلم بها ليس الشعب الايراني فقط وإنما کل شعوب العالم، لکن وبعد 43 عاما من حکم هذا النظام صار واضحا بأن خميني لم يکذب بخصوص مزاعمه برفع الروح المعنوية للشعب الايراني بل وحتى قد کذب أيضا بزعمه بإنعاش الحياة المادية.
بعد 43 عاما من حکم هذا النظام، فإن الحقيقة التي صارت واضحة للعيان هي إن خميني ونظامه قد جنى أکثر ما جنى على الروح المعنوية للشعب الايراني، إذ أن الاوضاع البائسة التي يعيشيها الشعب الايراني والتي تهيمن عليها أجواء الفقر والجهل والمرض والخوف، أثرت سلبا على الروح المعنوية للشعب بل إن مصادرة خميني للثورة الايرانية بخدع وأکاذيب التعلق بالقيم الروحية إنتزاعه المشبوه لسلطة الشعب عنوة؛ قتلا للمواهب التي تسحق تحت قبضة مخالب الفقر والتمييز، فإن الشعب الايراني صار يعلم بأن خميني ونظامه أکبر کذبتين صادفهما في هذا العصر.
متابعة جوانب من التقارير الخبرية الواردة من داخل إيران، تبين لنا الى أي حد قد وصل”إرتفاع الروح المعنوية”للشعب الايراني في ظل هذا النظام، وندرج أدناه نماذج مأخودة من وسائل إعلام النظام الايراني نفسه لکي نعرف ماهية ومعدن هذا النظام المخادع:
تقرير مواطن عن مشهد حالات الانتحار – 31 يناير 2022: تعتزم فتاة فقيرة الانتحار اليوم 31 يناير 2022، الساعة الـ 2 ظهرا، تحت جسر تختي في ساحة “بهشت نازي آباد”؛ بسبب الوضع المتردي في البلاد، لعنة الله على هذه الحكومة.
وأقدم مصطفى رنجبران، سكرتير مدرسة “زيست شناسي”، وهي إحدى مدارس مدينة ميناب، على الانتحار في اليوم نفسه؛ بسبب المشاكل الاقتصادية والمعيشة، وفارق الحياة.
كلمة أحد المعلمين في تجمع المعلمين المحتجين – فبراير 2022: إن الطالب الذي يسعى إلى الحصول على شهادة الدبلوم وشهادة البكالوريوس وشهادة الدكتوراه لا يجد عملا بعد التخرج ويقبل على الانتحار، والمسؤولون في الحكومة لا حياة لمن تنادي!
وانتحر غلام عباس يحيى بور، مدرس الرياضيات، في وقت سابق، احتجاجا على الإفراط في التمييز والنهب. وعندما اتصلنا هاتفيا بشقيقه قال: إنه تعرض لضغط عصبي شديد لدرجة أنه انتحر بحلول يوم الأربعاء، وما كان يجب أن يحدث ذلك.
ويقول أحد المواطنين: شهدت اليوم انتحار شاب إيراني بسبب البطالة والفقر والإذلال الذي أعاني منه والشباب الإيراني على مدى 43 عاما من عمر الجمهورية الإسلامية. إن المسؤولية عن حياة أفضل أبناء وطننا فردا فردا تقع على عاتق الجمهورية الإسلامية والمسؤولين فيها الذين يحكمون بلادنا بالقوة والاستبداد، انتبهوا إلى ما آلت إليه البلاد من تردي بعد 43 عاما من حكم الجمهورية الإسلامية.