عندما احتلت القوات الأمريكية العراق، وأسقطوا النظام الأسبق في 9 نيسان 2003 تفلسف المتفلسفون وأبحر المحللون بتحليلاتهم فمنهم من أسماه احتلالاً، وآخر عده غزواً، وبعضهم وجد فيه تحريراً، كلٌّ منهم قدم ما يناسبه من كتابات، واختار لها التسميات التي تتلاءم مع انحيازاته وتوجهاته وطبيعة موقفه من النظام الاسبق، قربه وابتعاده ،اتفاقه واختلافه، وبحسب متبنياته الفكرية ومنطلقاته ،فمن يكره أمريكا او منحاز لجهة تكرهها أسماه غزواً واحتلالاً ورعى المقاومة ودعمها ،وآخرون عدوه احتلالاً وغزواً ؛لان فيه تغييراً قد يطولهم ويطول أنظمتهم وكان منها دول جوار غير عربية وأخرى عربية ،وهكذا إلا أن الوطنيين وعلى اختلاف توجهاتهم ومشاربهم ،عدوه احتلالاً يجب مقاومته واتفقوا في ذلك مع من إعلان الجهاد ضده، على الرغم من وجود من عدّ امريكا وحلفاءها راعية للديمقراطية وداعمة لها ولقوى التغيير والتطور ، وبهذا لم نعد أمام لبس لطبيعة ما حصل، بل بالعكس أصبح الأمر أكثر وضوحاً ، الا ما لم نفهمه الى يومنا هذا هو التخريب والنهب الذي عم العراق آنذاك، وإن انحسر في بعض من المحافظات، وعرفه الجميع تحت عنوان(الفرهود) المفردة العامية التي يُعتقد أنها ترجع لأصل عثماني فهي تصف الأعمال التي قام بها الجيش العثماني حينما احتل بغداد، وعلى أية حال فإن لهذا المصطلح العامي امتداداً حديثاً ومعاصراً ،فقد وقع الفرهود على نطاق ضيق في عام 1914 عندما احتلت القوات البريطانية البصرة وبالتحديد بحسب ما نقله المعاصرون للحادث آنذاك في سوق الهنود من نهب للدكاكين ،وتجدد الأمر في عام 1941 مع اضطراب الأوضاع آنذاك إثر وقوع ما أطلق عليها الحرب العراقية – البريطانية الثانية ،وكذلك وقع الأمر بعد اسقاط النظام الملكي عام 1958 وبشكل واضح حدث في اثناء الانتفاضة عام 1991 اذ لم يحترم بعضهم ما حدث واستغل الظروف ،وأوضح شكل له الذي مازالت ذاكرات أغلبنا تحتفظ بصوره الرهيبة البشعة ما وقع بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 ?ومهما حاولنا إيجاد تبريرات لما حصل على انه متأتٍ من فقر وظلم وجهل، فإن طريقته وطول مدته ولأيام ،لا يصمد أمام تبريراتنا ،ولاسيما مع ارتباطه بالتخريب، كما أننا لا يمكن أن نعمم هذه التصرفات على جميع أفراد الشعب ،انما نتفق جميعاً على أن هؤلاء الذين فرهدوا العراق وخربوه أصبح بعضهم اليوم ذا نفوذ وسطوة في مؤسسات الدولة ، فمما لا شك فيه أن من أطلق العنان لنفسه أن ينهب بلده ويخربه هو فاقد للوطنية والشعور بالانتماء لهذه الارض، ومن دون رتوش او حواجز أقول ان بعضاً ممن أصبحوا بدرجات خاصة وبعض مدراء المكاتب والموظفين المتنفذين ،لا بل أن بعض من افراد الحمايات والسواق وأمثالهم هم من عاش تجربة الفرهود وصنعها بنفسه مبرراً لفعلته هذه انه حقه الذي اغتصبته الدولة ومازالت في رأيه الخبيث الذي اعتقده ليصبح مسوغاً للفساد والنهب ،فروح الفرهود والمفرهدين مازالت تحوم وترتع وتعبث بمؤسسات الدولة ،ولا أعرف الى متى لا يعي أصحابها أنهم ينهبون وطننا، بيتنا الذي يلمنا ويجمعنا ويؤينا جميعاً، أتحبون أن تخربونه بأيديكم؟!! فكلما ضعفت الدولة نمى المفرهدون وتكاثروا من دون أي رادع من ضمير أو قانون ربما نعيش في دولة الفرهود العميقة ،ومع الأسف اقولها لبس المفرهدون فيها أقنعة مختلفة لم نعد قادرين على تمييزهم، ولكن فعلهم واضح فقد تتهاوى الدولة وتسقط بسبب افعالهم ويحتلنا قادمٌ جديد .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *