يس

قبل[email protected]

فبراير 20, 2022

 

الشاعر عقيل حاتم الساعدي

 

 

حمَلتُ عشقي لهُ مِن قبلِ تكويني

ولوعةُ الشَّوقِ في الأضلاعِ تَكويني

 

والوجدُ خطَّ على خدِّ البكا كَلِمي

فجاءَ بالدَّمعِ قبلَ الحبرِ تدويني

 

دموعُ شوقي على أوجاعِهِ سُكِبَت

والشِّعرُ نحوَ سنا المُختارِ يُدنيني

 

كأنَّ قلبي مِن الآهاتِ مُشتَعِلٌ

هل يُطفِئُ الغيثُ نيرانَ البراكينِ؟!

 

إنَّ المَحَبَّةَ يا مولايَ تَكفيني

فيها حياتي وفيها طابَ تكفيني

 

لم يَفهَمِ القومُ ما بالقلبِ مِن شغفٍ

باتَ العذولُ بما لا فيَّ يَرميني

 

وصاحَ صائحُهم: أَوشَكتَ تَعبُدُهُ

والشَّوقُ يَقتُلُني، يا مَن يُواسيني؟

 

فالحبُّ ديني ونورُ الحُسنِ تيَّمَني

واللهُ نزَّلَ ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ ﴾

 

عشِقتُهُ وجَمالُ الرُّوحِ يَسحَرُني

وقد أُسِرتُ بهِ أسرَ الشَّواهينِ

 

النُّورُ في وجهِهِ شمسٌ وقد بزَغَت

وعن نجومٍ تَوارَت باتَ يُلهيني

 

فالقلبُ يَشدو طَروبًا عندَ روضتِهِ

وحبُّهُ في الحشا أزكى التَّلاحينِ

 

كبلبلٍ جئتُ أَشدو عندَ حضرتِهِ

بأحرفٍ مِن كؤوسِ الوصلِ تَسقيني

 

قيثارةُ العشقِ صبَّت قصتي شغفًا

وعزفُ سيرتِهِ نايٌ ويَشجيني

 

سبحانَ ربِّ الورى بالحُسنِ قلَّدَهُ

ما عادَ وصلُ سعادَ اليومَ يَرويني

 

هو الهُدى وصراطٌ واضحٌ جَدَدٌ

تَضيعُ مِن دونِهِ كلُّ العناوينِ

 

مِصباحُ هَدْيٍ بمِشكاةِ الفؤادِ لهُ

نورٌ تَوَقَّدَ مِن أغصانِ زيتونِ

 

كأنَّهُ في سكونِ اللَّيلِ أغنيةٌ

وهمسُ حبٍّ مِن الأجداثِ يُحييني

 

هو الصَّديقُ بدنيا لا أمانَ لها

وهو الأنيسُ إذا ما اللَّحدُ يَطويني

 

أَتَيتُ أَنشدُهُ والوجدُ مزَّقَني

لعلَّهُ مِن بديعِ العرشِ يُدنيني

 

مُحَمَّدٌ حرفُ حبٍّ مُشرِقٍ عبِقٍ

كزهرةٍ عطَّرَت شِعرَ الدَّواوينِ

 

الشِّعرُ يَسمو بهِ فالحرفُ منه غدا

بريقَ تبرٍ بضوءِ الشَّمسِ مقرونِ

 

رأَيتُ أنوارَهُ كالطَّيرِ سابحةً

وما سواها بهذا الكونِ تُغريني

 

رأَيتُهُ في فضاءِ الكونِ أُحجيةً

كالنُّورِ في عالمِ الأطيافِ يَأتيني

 

حرفانِ في مَوكِبِ الأنوارِ قد سطَعا

ما بينَ طه وبينَ الياءِ والسِّينِ

 

كأنَّهُ الغايةُ الكبرى التي سُتِرَت

أو أنَّهُ سرُّ أمرِ الكافِ والنُّونِ

 

لولاه لم تَزهُ أزهارٌ ولا بَزَغَت

أو فاحَ رَوحٌ شذِيٌّ مِن رياحينِ

 

رأَيتُ في عالمِ الرؤيا حكايتَهُ

وعشقُهُ في الحشا خيرُ البراهينِ

 

بفديةٍ عاشَ عبدُ اللهِ حينَ قضَت

عرَّافةُ الشَّامِ ذبحًا للقرابينِ

 

رمزُ الفداءِ تَجَلَّى في تَقَلُّبِهِ

سما بسرٍّ بظهرِ الغيبِ مكنونِ

 

لولاه لم يَنجُ إبراهيمُ مِن لهبٍ

ولا ابنُهُ قد نجا مِن حدِّ سِكِّينِ

 

ولا الملائكةُ الأطهارُ قد سجَدَت

لآدمَ الأبِ بعدَ الخَلقِ مِن طينِ

 

هم يَسجُدونَ ووحيُ الشِّعرِ يُخبِرُني

بأنَّهم سجَدوا حبًّا لياسينِ

 

سبحانَ مَن جعَلَ الأنوارَ ساجدةً

لكي تَكونَ امتحانًا للملاعينِ

 

وساوَموه ولم تُكسَرْ عزيمتُهُ

ما غرَّهُ المالُ أو مُلكُ السَّلاطينِ

 

وبعدَما فشِلَت أسبابُ حيلتِهم

دسُّوا لهُ السُّمَّ بينَ المكرِ واللِّينِ

 

لكنَّهُ الصَّقرُ إذ يومُ النِّزالِ دنا

لم يَخشَ مِن غدرِ سهمٍ أو ثعابينِ

 

كم كانَ يَملِكُ عِزًّا ليسَ يَعدِلُهُ

جيوشُ كسرى ولا أموالُ قارونِ

 

لكنَّهم ما استطاعوا دحرَ حُجَّتِهِ

فألبَسوا العقلَ أثوابَ المجانينِ

 

إذ فارَقَ الدَّارَ في ليلٍ بلا قمرٍ

ليَملَأَ الغارَ تسبيحٌ لذي النُّونِ

 

ويَكتُبَ الطَّيرُ فوقَ العُشِّ ملحمةً

أنَّ المكانَ أمانٌ غيرُ مسكونِ

 

والعَنكبوتُ ببابِ الغارِ تَحرُسُهُ

كأنَّها نسَجَت أشجارَ يقطينِ

 

مُحَمَّدٌ رحمةُ الدَّيَّانِ خالدةً

منها الشَّفاعةُ بابًا للمساكينِ

 

قد جاءَ بالحبِّ فيَّاضًا يَجودُ بهِ

كأنَّهُ النَّهرُ يَزهو في البساتينِ

 

لم يُثنِهِ عن طريقِ الحقِّ مَن جحَدوا

ليَقضيَ العمرَ في شرحٍ وتبيينِ

 

تَساقَطَ الخيرُ مِن كفَّيه مُنهَمِرًا

كالنَّخلِ يَطرَحُ ألوانَ العراجينِ

 

تَكفِي صلاةٌ عليهِ للسَّما رُفِعَت

تَجزِي عطاءً جزيلًا غيرَ ممنونِ

 

صلُّوا عليه وعينُ اللهِ تَحفَظُكم

فإنَّها الدِّرعُ مِن سهمِ الشَّياطينِ

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *