لم يتمكن الغزاة على إختلاف توجهاتهم من إختراق أسوار مدينة الموصل الغافية على ضفاف نهر دجلة وبقت هذه الأسوار بأبوابها شامخة بوجهة كل الهجمات مهما اشتدت وطال حصارها ومنها حصار نادر شاه وبقت تلك المدينة رهينة اسوارها وسورها العتيد حتى أطل عليهم رجل يحمل في صدره حب المدينة وأهلها وحب العراق وكان الرجل الصالح متنورا وذو عقل متفتح زاده على ذلك تجواله في اوربا والغرب فسعى بكل طاقته إلى تجديد وتطوير مدينته فقام بعمل برنامج حضاري على أسس علمية متقدمة فوضع خريطة وحجر الأساس لمدينة أطلق عليها إسم الزهور وحقا كانت التسمية على مسمى رائع فوضع فيها اماكن خاصة للمدارس والمستوصفات ودور السينما والاستراحات وقسم المنازل على مساحات رائعة لاتقل كل قطعة منزل عن 600 متر مربع واخذت ماكينات التبليط والتسوية تعمل ليل نهار ثم أسس موقع لتصفية وضخ الماء الصالح للشرب على ضفة نهر الكومل( الخوصر) وبدأ اهالي الموصل بالخروج من أسر أسوارها العتيقة والبديع بالأمر أن احياء مدينة الزهور اختلطت فيها الأعراق والمذاهب والديانات من مسلمين سنة إلى شيعة إلى مسيحيين اشوريين ومسيحيين من الموصل القديمة ومن عرب واكراد وتركمان وشبك و…الخ ، وانت تتجول بعد العصر لابد أن تذهلك ألوان الطيف العراقي وروائح الأزهار والحدائق والأطفال يلعبون في الشوارع فهذا محمد وصديقة سولاقه وذاك دلير وجيرانه جرجيس ويونس حقا رسم الرجل الصالح عبد القادر العبيدي رحمه الله رسم لوحه فنيه رائعة تنبئ لمستقبل حر و رائع وزاهي للمدينة وللوطن ولكن جاء الثوار وبأيديهم القيود الحديدية واعتقلوا الرجل الصالح عبد القادر العبيدي واودعوه قصر النهاية لدى الجلادين القساة بلا ذنب ولاجريرة وكل ماجناه أن لديه بن عم في بغداد ساعد الثوار بالوصول للحكم وكعادة الثورات أرادوا أن يقتلوا ذلك الرجل الذي اعانهم في الانقلاب ولم يتمكنوا منه وتمكن من الفرار فأرادوا أن يعتقلوا بن عمه للضغط عليه وهكذا قضى الرجل الصالح الطيب ساعاته الأخيرة في قصر النهاية ولم تعرف عائلته مصيره إلا بعد مرور عقد من الزمن ولم تشفع له كل اياديه البيضاء في بناء وطنه ولا مساعدته للفقراء و المعوزين وذهب الرجل للقاء ربه الكريم وبقت مدينة الزهور شامخة تدل من بعيد على نبل وإخلاص ووطنية هذا الرجل، رحم الله عبد القادر العبيدي رحمه واسعه واسكنه فسيح جناته أما اعدائه وضالميه فكان مصيرهم الخزي والعار والموت بأيدي رفاقهم والعاقبه للمتقين إن الله على كل شيء شهيد.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *