لا‭ ‬أدري‭ ‬أية‭ ‬بطونٍ‭ ‬محظوظةٍ‭ ‬من‭ ‬الخالق‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬حملتهم؛‭ ‬وأية‭ ‬أرحامٍ‭ ‬ميمونةٍ‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬أنجبتهم؛‭ ‬محظوظون‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬وكأنَّ‭ ‬الحظ‭ ‬ترعرع‭ ‬في‭ ‬أحضانهم‭ ‬وشبَّ‭ ‬مع‭ ‬كراسيهم‭ ‬المترفة‭ ‬في‭ ‬مكاتبهم‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬مقاعدهم‭ ‬الوثيرة‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬أجل‭ ‬عزيزي‭ ‬المواطن‭ ‬التعيس،‭ ‬أتحدَّثُ‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬أولئك‭ ‬المدلَّلين‭ ‬والذين‭ ‬هبطوا‭ ‬على‭ ‬كراسي‭ ‬البرلمان‭ ‬بزنبيل‭ ‬خاص‭ ‬والذين‭ ‬يغرفون‭ ‬الثروات‭ ‬والنعم‭ ‬والسؤدد‭ ‬أينما‭ ‬دارت‭ ‬أكفهم،‭ ‬أكفهم‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تجيد‭ ‬سوى‭ ‬التلويح‭ ‬بالرفض‭ ‬لكل‭ ‬قرار‭ ‬فيه‭ ‬مصلحة‭ ‬للناس،‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬ذات‭ ‬الكفوف‭ ‬تعرف‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬تؤكل‭ ‬الكتف‭ ‬عندما‭ ‬يتعلَّق‭ ‬الأمر‭ ‬بصرف‭ ‬رواتبهم‭ ‬أو‭ ‬تخصيص‭ ‬أراض‭ ‬سكنية‭ ‬أو‭ ‬مخصصات‭ ‬علاجية‭ ‬وسفر‭ ‬لهم،‭ ‬معظمهم‭ ‬طيلة‭ ‬جلوسه‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬البرلمان‭ ‬لم‭ ‬نسمع‭ ‬له‭ ‬رأياً‭ ‬مناصراً‭ ‬للفقراء‭ ‬والمعدمين‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬والمتقاعدين،‭ ‬وأغلبهم‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يقف‭ ‬أمام‭ ‬كاميرات‭ ‬التصوير‭ ‬ليصرح‭ ‬بكلام‭ ‬لا‭ ‬يغني‭ ‬ولا‭ ‬يسمن‭ ‬عن‭ ‬جوع،‭ ‬وجلَّهم‭ ‬لا‭ ‬يمتلكون‭ ‬آراء‭ ‬وقناعات‭ ‬خاصة‭ ‬بهم؛‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬تابعون‭ ‬أذلاء‭ ‬إلى‭ ‬كتلهم‭ ‬وأحزابهم‭ ‬وينفذون‭ ‬ما‭ ‬تأمرهم‭ ‬به؛‭ ‬أدخلوا‭ ‬إلى‭ ‬القاعة‭ ‬للتصويت‭ .. ‬فيدخلون‭.. ‬أخرجوا‭ ‬من‭ ‬القاعة‭ ‬فوراً‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكتمل‭ ‬النصاب‭ ‬فيخرجون‭ ‬تباعاً‭ ‬كخرز‭ ‬المسبحة‭ ‬التي‭ ‬تداعبها‭ ‬أصابع‭ ‬دجال‭!! ‬لاحول‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬غير‭ ‬قوة‭ ‬المطالبة‭ ‬بحقوقهم‭ ‬ورواتب‭ ‬أفراد‭ ‬الحماية‭ ‬الذين‭ ‬يحيطون‭ ‬بهم،‭ ‬والتي‭ ‬طالما‭ ‬تكون‭ ‬تلك‭ ‬الرواتب‭ ‬في‭ ‬جيوبهم‭. ‬وفوق‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يتمتعون‭ ‬بإجازات‭ ‬موسمية‭ ‬يقضون‭ ‬أيامها‭ ‬في‭ ‬المصائف‭ ‬الأوربية‭ ‬وشراء‭ ‬العقارات‭ ‬الثمينة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬وخير‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬وعودهم‭ ‬الزائفة‭ ‬للمتقاعدين‭ ‬والموظفين‭ ‬بشأن‭ ‬سلَّم‭ ‬الرواتب،‭ ‬فبعد‭ ‬جرٍّ‭ ‬وعر‭ ‬توصلوا‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬سًلَّم‭ ‬الرواتب‭ ‬إلى‭ ‬لجان‭ ‬قانونية‭ ‬وراتب‭ ‬الموظف‭ ‬والمتقاعد‭ ‬لا‭ ‬يسدُّ‭ ‬رمقاً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‭ ‬العصيب،‭ ‬لكنهم‭ ‬تراهم‭ ‬يتزاحمون‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬حتى‭ ‬يظهروا‭ ‬تباعاً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفضائيات‭ ‬ليعلنوا‭ ‬بهتاناً‭ ‬بزيادة‭ ‬رواتب‭ ‬الموظفين‭ ‬والمتقاعدين؛‭ ‬وأقول‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬إلاَّ‭ ‬بالله‭ ‬على‭ ‬ضلالهم‭ ‬وتسويفهم‭ ‬وتلاعبهم‭ ‬وخديعتهم‭ ‬لمشاعر‭ ‬الناس‭ ‬المساكين؛‭ ‬وكرد‭ ‬فعل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬عملهم‭ ‬الإنساني‭ ‬الباهر‭ ‬بحق‭ ‬المتقاعدين‭ ‬والموظفين،‭ ‬سارع‭ ‬مجلس‭ ‬الرئاسة‭ ‬لمكافأتهم‭ ‬جميعا‭ ‬وذلك‭ ‬بمنح‭ ‬عوائلهم‭ ‬جوازات‭ ‬سفر‭ ‬دبلوماسية‭ ‬لمدة‭ ‬ثمانية‭ ‬سنوات‭ ‬قادمة‭.. ‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.. ‬بينما‭ ‬المواطن‭ ‬العادي‭ ‬مازال‭ ‬يطشُّ‭ ‬الرشى‭ ‬عند‭ ‬باب‭ ‬الجوازات‭ ‬منذ‭ ‬شهور‭ ‬أملاً‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬إلكتروني‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬بارقة‭ ‬أمل‭ ‬للحصول‭ ‬عليه،‭ ‬بينما‭ ‬جوازات‭ ‬السفر‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬وصلت‭ ‬لعوائل‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬القرار‭ ‬الرئاسي‭ ‬بيوم‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬وكانت‭ ‬مبررات‭ ‬الرئاسة‭ ‬أنَّ‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬قد‭ ‬نال‭ ‬منهم‭ ‬التعب‭ ‬والإرهاق‭ ‬نتيجة‭ ‬رفع‭ ‬أياديهم‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬المجلس‭ ‬للتصويت،‭ ‬وان‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬صار‭ ‬يشتكي‭ ‬من‭ ‬أوجاع‭ ‬في‭ ‬ساعده‭ ‬نتيجة‭ ‬رفع‭ ‬يده‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬ويا‭ ‬لهُ‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬شاق‭ ‬والله،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬عرفنا‭ ‬أنَّ‭ ‬رفع‭ ‬اليد‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تدريبات‭ ‬رياضية‭ ‬خاصة‭ ‬وبحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مدرب‭ ‬للياقة‭ ‬البدنية،‭ ‬ويفكر‭ ‬المجلس‭ ‬الرئاسي‭ ‬بصرف‭ ‬مخصصات‭ ‬خطورة‭ ‬نتيجة‭ ‬العوارض‭ ‬السيئة‭ ‬الناتجة‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬أكف‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬للتصويت‭ ‬على‭ ‬الموازنة‭ ‬وقانون‭ ‬الانتخابات؛‭ ‬فهما‭ ‬بحاجة‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬المجلس‭ ‬الرئاسي‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الأيادي‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬لمليون‭ ‬مرة‭ ‬حتى‭ ‬يصلوا‭ ‬أخيراً‭ ‬للتصويت‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬هذين‭ ‬القانونيين‭ ‬والذيَّن‭ ‬أظن‭ ‬أنهما‭ ‬سيكونان‭ ‬القشة‭ ‬التي‭ ‬ستقصم‭ ‬ظهر‭ ‬البعير،‭ ‬وسنرى‭ ‬التناحر‭ ‬والتراشق‭ ‬والتنابز‭ ‬والشجار‭ ‬بينهم‭ ‬واستعراض‭ ‬العضلات‭ ‬الوطنية‭ ‬أمام‭ ‬الشعب‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره،‭ ‬لكنهم‭ ‬يبقون‭ ‬وأعني‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الفئة‭ ‬المدلَّلة‭ ‬من‭ ‬الشعب،‭ ‬لأنَّ‭ ‬معظمهم‭ ‬بصراحةٍ‭ ‬بارعون‭ ‬جدا‭ ‬بالأمور‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والبرهان‭ ‬أنَّ‭ ‬جميع‭ ‬الناس‭ ‬حين‭ ‬تأتي‭ ‬سيرة‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬يتداولون‭ ‬أمثالا‭ ‬شعبية‭ ‬منها‭.. ‬“ردناه‭ ‬عون‭ ‬طلع‭ ‬فرعون،‭ ‬وشفتك‭ ‬فوق‭ ‬شفتك‭ ‬تحت،‭ ‬والمثل‭ ‬الشعبي‭ ‬الدال‭.. ‬ودع‭ ‬البزون‭ ‬شحمه‭.. ‬وأية‭ ‬شحمه‭!! ‬ولله‭ ‬في‭ ‬خلقه‭ ‬شؤون‭ ‬ولا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬إلاَّ‭ ‬بالله‭ ‬العلي‭ ‬العظيم‭ ‬بهذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *