كنت….. في كتاب الغيب، ثم محض فكرةٍ، ثم خلقت مِن أنفاسها، وكان الكون في قبضة الليل عيونًا شاخصة وقلبًا ينتظر.
ببراءةٍ تمرِّر أناملَها الرقيقةَ على جبين الكون
في ورعٍ خاشعٍ يطلِق: (الله) كلمته الأخيرة مِن صدرِه قبْل أن ينصهر ثم يتلاشى فيها، ويبقى:
رخام عرشِها الذي هو في السماء، فسيفساء أنفاسها التي مِن شموس، ريقها الذي هو تسنيم، إبريقها الذي مِن صباحات، ماء وضوئها الذي هو ابتهالات الطهر، المَجمرة التى تحت أهدابها، أسراب القلوبِ المسافرة في عينيها، مقامات أوليائها الصالحين التي تسبّح باسمِها في الأرض، رسومات الكحل، أرابيسك أحلامِها حتى زهرة الأبنوس المعلّقة في خشوع سقف غرفتها تشير إلى أنها شرقية.
البياض الذي يسعى فوق جبينِها
سريالية الجسد، سيميترية تفاصيلها، منمنمات منحنياتِها
تقول إنها غربية
يغمض عينيه قلبي يفتح شبّاك تنهيدةٍ تقول:
هي نورٌ سماويّ
لم تكن شرقيةً
لا …
ولا غربيةً
هي بيْن بيْن
تجلس على مفرق جسد جهات الكون الأربع
عاريةً كالحقيقة
كلمسةِ الروح
كاذبٌ مَن قال محاطة في قلب شيء، لمَن يراها في اكتمال البدر:
وجهها المستدير مشِعّ، ويطِل على ناطحات أوجاع البيوت قمم المجاز التي لم تَمسسها أصابع شمس.
على حجرِها ينام الشمس والقمر، مَن قال إنها تشبِه رضيعيها فقدْ كَذَب
الغمّازتان تنزلان هكذا بدهشةٍ مفاجئة
مثل نهريْن هرَبا للتوّ مِن الفردوس الأعلى
تنزلِق على صفحة مائها روحي
ترتبِكُ الدنيا إذ يذوب فيها عقلُ مَن فيها
لأكون دقيقًا لم تكن سلامًا خالصًا
كان بين نهرَيْها سهمٌ متأهبٌ كقُبلةٍ
يترك في قلب العالم ثقبًا بحجم قلبِ نبيّ
تَسكن فيه الحقيقة وحدَها/ هويتها التي (لا….)
تنبض فيتهاوى الجسدُ في السهر والحمّى
يذوب في كراسة سمائها حتى قلب الحجر.
كانت المواقيت وجدًا يبلّل الأركانَ في كل جهةٍ يفوح منها العبق
أي إعصارٍ هذا الذي يسكن أنفاسَك فيقتلع غاباتي مِن جذورها فأتعرّى!
أي ابتسامةٍ تلك التي تشرِق في عينيك فتسكب الأمطار في لغتي!
أي ثغرٍ هذا الذي يفجّر الأنهارَ مِن رئتي!
وما تلك الموسيقى التي تفتتني كلما همستْ شفتاكِ باسمي؟!
تسيل مِن شفتيها الحروف
أغمِض عليها جوارحي
تتسابق ثلاث عشرةَ سماءً في هيبتِها
لتلعق العسلَ المصفّى حتى آخر قطرة في اسمِها
تطلِق في صدري سراحَ رعشتِها الأخيرة فيغشى السدرةَ ما يغشى
يتشقّق إيوانُ العتمة ويتهاوى، ينطفىء جحيمُ القلب، يرفرِف فوق الآفق بردًا وسلامًا
تترك الأنهار ضفافَها تتسلّق شراييني
يمتثل ضجيج الكون بين يدي السكينة
أعاصير مآسي العالم تصير نسيمًا كهروعطري
– يكنس بأهدابِه بذورَ الخطيئة، يلقيها في سلّة العدم مِن منتهاها وحتى الخطيئةِ الأولى
– يلبس الكون فسحة فستانِها الذي يتمطّى
– يفيض الماء مِن بين أناملي فوق صحراء العالم
تصير الأرض كمشكاةٍ فيها….
كلما مررت أناملها الرقيقة فوق جبيني
تطوف حول عرشِها الذي هو…
صلاتي ونُسُكي ….
تتمايل سَكرَى ستائر الروح عند مليكٍ مقتدِر
أتهاوى في مقعدِ صدْق
بكف نعيمِها تعزف فوق مواجدي
آيات الحروف
إنسانيتي
تَفرّدي
هويتي التي صارت:
لا شرقي ولا غربي
رغم أن وجهي لم يكن مستديرًا مشِعًا
لا أشبِه القمرَ في شىء
كما أني لست كلمسةِ الروح
وفي البدء كنت….
لكن الغمّازتين وسهمهما فقط
يضيئان قلبي
كما تضيء ظلمةَ الكون
حروفُ قصيدة.
……

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *