الكاتب عبد الخالق الفتاح
المشهد السياسي في العراق يتسم بالغرابة، بلغ ذروته في المزايدات وكيل الاتهامات والتخوين في الذمم بهدف كسر ارادة الاخرين بحجة التصدي للفساد والمفسدين فثمة طارئون على العمل السياسي تحولوا الى منظِّرين في عالم السياسة، خصوصا حين يستدعي الامر حماية مصالحهم حتى بلوغ البعض التجريح والتحريض على اصحاب الضمير ممن يعملون بصدق وتفانٍ للمصلحة الوطنية ، مثل هذه الممارسات أضرت بسمعة كثير من الناس، ربما لا يدرك بعضنا خطورتها وآثارها المدمرة، هذه النظرية مفيدة لكل مجتمع أو مؤسسة أو فرد يريد أن يلقي بفشله على الآخرين، أفضل أداة لتبرير الإخفاق والاستمرار فيه، تستطيع ان تفشل كه الجهود في أداء واجبها و تلجأ إليها وستجد آذاناً صاغية من ممن هم في شاكلتهم مجرد أن ترسم في ذهن الناس عدواً وهمياً يتربص بهم.
إننا ندرك أنه ما من أحد يمسك بزمام السلطة وهو ينوي التخلي عنها بسهولة .. لإن السلطة عنده ليست وسيلة بل غاية , فالمرء لا يقيم حكما صالحاً لحماية نواياه ، وإنما يشعل فتنة لإقامة حكم استبدادي .. إن الهدف من الاضطهاد هو الاضطهاد , والهدف من التعذيب هو التعذيب وغاية السلطة هي السلطة ، لكن مهما بلغت حدة التحريض والتشويه يظل هناك صامدون وواثقون بأنفسهم ورسالتهم ومهامهم كنواب او مواطنين، هو تنفيذ القوانين على من يعتدي على حرمة المال العام او يستغل منصبه في تنفيع نفسه وغيره من الاقارب والاصدقاء ،نجد في المقابل ان المتضررين ومن يقفون وراء الفساد يدافعون دفاعاً اعمى بسبب مصالح تجمعهم مع هؤلاء المتضررين، علاوة على خصومة شخصية مع البعض من محبي وطنهم، ومن نذروا انفسهم للذود عن مصالح الشعب وفقاً لقناعات شخصية والتزاما بقسم علني وبما يرضي الضمير وإبراء الذمة امام الله سبحانه وتعالى.
التسقيط السياسي هي احدى السبل ويعرف بشكل بسيط “هو أحد وسائل السلطة المسيطرة على زمام الحكم في تثبيت أركانها وهو سلوك بشري يدخل ضمن تعريف «الصراع في سبيل البقاء» ولكنه صراع لتحقيق الطمع لا الكفاية”، الانتقام هو وسيلة لإدارة السلوكيات المتعلقة بالعدوان. في كثير من الأحيان ، بدلاً من تبني سلوك ينطوي على المواجهة المباشرة للشخص الذي أضر بنا في الوقت الذي فعلوه للتو ، يتم اختيار استراتيجية متوسطة أو طويلة المدى ، والتي من شأنها أن تسمح باحتمال أكبر لإلحاق الضرر. الضرر المنشود من خلال كونها قادر على الاستفادة من إعداد الوقت والموارد للتخطيط للهجوم الجسدي أو النفسي.
وهناك لانتقام السياسي ايضاً … فله وسائل مختلفة فقد يكون بالقتل المباشر للخصوم بلا تقديم أي مبررات للمجتمع وخاصة اذا كان متخلفاً او عندما تسيطر عليه قوانين القبائل والفئات والمافيات العائلية ونظرة للمحيط كفيلة بتوضيح الفكرة وقد يكون بالاغتيالات السرية بالرغم من أن القاتل معروف ولكن لا أحد يجرؤ في المجتمع على توجيه الاتهام إليه
الانتقام السياسي في العراق بلغ حد لا يمكن الصبر عليه بسهولة ومن التصرفات المذمومة التي يقوم بها البعض من الأشخاص في الكثير من الأحيان ، وقد يكمن السبب وراء اللجوء إلى الانتقام إلى دوافع مختلفة تماماً ، ففي بعض الأحيان يتعلق الأمر بشعور الشخص ب الظلم والقهر ، وفي أحيان أخرى يتعلق الأمر بدوافع شريرة تدفع الشخص للقيام بهذا الفعل ، وليست المشكلة أن السلطة الحاكمة منذ أن تتسلم مقاليد الدولة في أي مكان وأياً كان شكل نظام الحكم تظن أنها تخترع عجلة الأحداث بينما الحقيقة أن كل ما تفعله ليس إلا إعادة لتدوير التاريخ بوجوه جديدة ورزنامة مختلفة لا أكثر بل المشكلة فيمن يُرتكب في حقهم أشكال من «الانتقام السياسي» ويستهجنونه ثم يبدؤون بالدخول في الحلقة المفرغة من الاعتراض والاستنكار والصياح بلا اتخاذ خطوات للدفاع عن حقوقهم والانتصار ممن ظلمهم . لقد كانت ولازالت لممارسات الاستئثار والتسلط على حساب الدستور والوفاق الوطني كارثة ، أدت الى دفع الشعب العراقي والوطن ورسالته الى الهاوية والخروج من هذه الهاوية ليس عملا سهلا بل هو واجب وطني يمكن تحقيقه إذا أدرك المسؤولون كل المسؤولين ، ان الكارثة الإنسانية التي التي نزلت بالشعب هي نتيجة طبيعية للسياسات الخاطئة التي اقدمت عليها الاحزاب والكتل افراداً ومجموعات بعد عام 2003، وإن التخلي عن هذه السياسات الهدامة والتي تسود العديد من السياسيين الحاليين هي التصرف السليم والثقة بالآخرين هي العملة النظيفة العملية الوحيدة التي يجب ان يتم التداول بها لإثبات بالعزيمة في النهوض بالبلد من جديد،